كيف نصنع الواقع ؟؟!! بقلم الدكتوره : منى هبره

كيف نصنع الواقع ؟؟!! بقلم الدكتوره : منى هبره 1
صورة تعبيرية

سعادتي كانت بالغة عندما علمت أن مقالتي السابقه قد لاقت نجاحاً ، وإنتشاراً بين الناس وهذا في حقيقة الأمر جعلني استغرب وأفكر.

لا أخفيكم أحبتي أنني ولأسبوع مضى  انشغل  تفكيري بالسؤال الكبير الذي ملأ عقلي ؟

بما أن ذاك المقال قد لاقى استحساناً … إذا فقد لامس في قلوب الناس ونفوسهم شيئاً مفقوداً ، و جاري البحث عنه !!

إذاً فأنا لست الوحيدة التي يشغلها  هذا  الواقع المحبط الذي نعيشه حالياً ، وأسبابه ، ومنشأة ومن أين وإلى أين ؟ .

لماذا وجدت نفسي في لحظات أفكر بطريقة انتشار الضوء داخل الظلام

مادمنا جميعاً نمقت الحال الذي نحن فيه ؟! وجميعنا يحاول معرفه الأسباب و إن كنا قد اتفقنا أن السبب الأساسي هو أن حالنا في دواخلنا مختلف عن حالنا في الواقع الخارجي .

ومن أين يتشكل هذا الواقع إلا منك ومني ومن الآخر ؟ ؟ ؟ ألسنا نحن من يصنع الواقع ؟ ؟.

أليس سلوكنا هو من يرسم ويحدد ملامح الحال الذي نحن فيه ؟ ؟

معادله غريبه ؟ ؟!!.

نحن السبب !!! ونحن المتضرر !!

ونحن أيضاً من يمقت ما نحن فيه !!!

كيف السبيل ، وأين الخلل ؟ ؟ .

وكما هي عادتنا دائماً  نظرت إلى  نفسي قد برأت نفسي مما يحدث وأشارت نفسي بكل أصابع الاتهام إلى من حولي،

وكذلك كل من حولنا !!! أليس كذلك ؟ .

لا أدري السر في أننا دائماً نظن أن الآخرين هم السبب ونحن أبرياء ؟!!!.

لماذا نُدخل أنفسنا دائماً دائرة الأعذار ؟!!! ونلقي بكامل التهم على الآخر

وكذلك يفعل الآخر ، حتى ضاق واقعنا ذرعاً منا ……

و أخاله يصرخ فينا : وهل أنا إلا نتاج أعمالكم ؟ من أنا لولاكم ؟!!،

وكيف لي أن أتشكل دون سلوكياتكم ، و أفعالكم ؟،

كلكم تنظرون إلى بعضكم البعض نظرة المتهم ؟ ؟ وتحاكمونني بكل سلبية و بشاعة متناسين أنني منكم وأنتم مني .

، فكلكم فيما يختص بتحسين نفسه ونموه الذاتي متباطئ ومتثاقل ، بينما تتوالى أحداث الحياة وتتقلب وأنتم لا تحركوا ساكناً تجاه أنفسكم ، بل على العكس كلٌ يرمي باللوم على الآخر متناسياً إصلاح ذاته ، أو محاسبة ذاته ، أو على الأقل الاهتمام بها والعمل على رفع سويتها ، والحجة دائماً جاهزه :

لا يوجد واقع يشجع على الاستمرار أو التحسين.

تاركين أمواج الحياة تتلاطم ، و أحداث الزمان تتوالى دون أن تأخذوا بعين الاعتبار  أن (هذه التحديات هي فرص  تصنعكم وتصنعني) ، و ترتقي بكم وترتقي بي بذات الوقت .

كلكم تؤجلون الوقت المناسب للبدء بأي شيء ، منتظرين المجهول دائماً أن يقلب أحداث الزمان و أن يتولى تحسين  الواقع  ، بل أكثر من ذلك أن الجميع يعتبرون أن هذا الأمر لا يخصهم بل يخص جيرانهم و أصدقاءهم ، و زملاء العمل .

لايريد أن يعمل أحد منكم و أن يكلف نفسه عناء أخذ زمام مبادرة نفسه بنمو ذاته .

فمثلاً لو أن كل واحد فيكم التزم بعدم رمي أي شيء في الشارع لأصبح الشارع نظيفاً ..

لو أن كل واحد منكم التزم قوانين المرور دون أن يقلد المخالف معتبراً نفسه الوحيد الملتزم لما كان هذا الحال .

لو كان كل فرد فيكم ينجز ما يطلب منه ، ويسأل ويتساءل ويذهب ليتعلم أفضل طريقه يتم بها العمل بدلاً من التشكي من سوء الحال وبدلاً من النقد و اللوم والتقريع ، و لما كان هذا حالي ولا حالكم .

متى ستفهمون أنني منكم وأنتم مني ؟؟!!.

متى ستعرفون أنكم أنتم واحداً واحداً مسؤولين عما انا فيه ، متى ستتوقفون عن اتهامكم للآخرين ، وتوجهون أصابع التهم إلى أنفسكم ؟.

ناداني الواقع بصوت متألم : لا تستثني نفسك من الاتهام،

الأمر كله متعلق بك وبهم أجمعين ، والأمر يبدأ من داخلك ، و داخلهم جميعاً .

غوصي إلى داخلك ، واتركي النظر إلى ما يفعل الآخر ، اعملي أنتِ على القيام بما يفترض أنه مطلوب منك وكأنك أنتِ المسؤولة الوحيدة ، ركزي على أخطاءك  وصوبيها ، و اسألي نفسك دائماً ما الذي يجب عليَّ أن أفعله ، وكأنك تأدين عملك  لذاتك ، وليس لمجتمعك أو للآخر

لو أن كل فرد فيكم قام فعلاً بما هو مطلوب منه بوقته ، دون أن يرميه على الآخر ، ولا أن ينتقص منه شيئاً بأية دعوة كانت ما كان هذا حالي

استصرخكم اليوم ، فما تصنعونه اليوم هو بين أيديكم غداً ، ألا تحبون أن تعيشوا زينة الحياه الدنيا تزرعون وتغرسون للأيام لغيركم كما غرس لكم من سبقكم ، وتكون شاهداً لكم في الدنيا و الآخرة وخير أثر .

ساعدوا المرتشي بأن تجتمعوا جميعاً على عدم مسايرته فيما يفعل

قدموا كلمات الشكر والثناء للضعفاء الذين يعملون حولكم

ساعدوا المسؤول الذي انتخبتموه بأن لا تضغطوا عليه بالواسطات بالأحساب والأنساب والأموال .

كلنا مخطئ وكلنا مصيب،

مصيب في إرادة تغيير الواقع ومخطئ في ظنه أن هذا لا يتم إلا بالآخرين. .

دعوة قالها رب الأكوان في محكم كتابه وتشريع سننه :

( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )

اعذروا ، سامحوا ، تغافلوا عن الصغائر ، اجعلوا أهدافكم سامية

اسمحوا لذاتكم بالنمو الصحيح فلا تتقدم بنا السنوات بالأعمار فقط ، بل نزداد معرفة و حكمة و قتلاً للجهل بإضاءة شموع العلم ، ولا حُجة اليوم لأحد في عدم تطوير نفسه فالكتاب الذي كان من قبلنا يدفعون الغالي والثمين للحصول عليه أصبح  متوفراً مجاناً للجميع .

العلم بكل أدواته وكافه مجالاته متوفر للجميع ، لكنه يحتاج من يسمع ويقرأ ويعمل : بدلاً من السبُ والشتم واللعن .

الواقع : هو أنتم من الداخل ،

لاعذر اليوم لمن لم يعمل على معرفه ما في داخله ،

لا عذر اليوم لمن لم يعمل على نمو ذاته و تزكيتها بإظهار نقاط قوته في مكانها الصحيح ، ورعاية نقاط ضعفه ونقاط ضعف الآخرين .

و لأنني أنتم (والكلام هنا أيضا للواقع ) واجهوا ما أنتم فيه بمعرفته حقاً وقبوله حقاً والعمل على تحسينه لاحقاً.

آن أوان العمل ، فالحياة لا تخدم إلا من خدمها بكل ما آتاه الله من  قدرات ، وكلكم فيه من القدرات ما يصلح الحاضر ويزهر به المستقبل .

تذكروا دائماً أن الأفكار الصغيرة ، والأعمال التي تستصغرونها هي التي تجتمع وتصنع تضاريس الواقع وتفاصيله. واهتمامكم بهذه الصغائر هو من يعمل على نموكم ونمو الحاضر والمستقبل .

لم يخلق الله أحداث الحياة عبثاً إنما كل شيء وجد  لسبب و لكل مشكلة  من الحلول ما يكفي ويوفي تنوع جميع البشر.

فقط مدوا أيديكم وساعدوا أنفسكم ، قبل أن تمتد هذه الأيادي لتساعد بعضها البعض في العيش .

الحياة فيها من المتسع ما يسعكم ويسع الجميع ، ونستطيع كلنا أن نكون ناجحين عندما نعلم أننا لا غنى لبعضنا عن بعض ، وبدلاً من مزاحمة الآخر ، و صراعه صراع الجبابرة بأن أكون ولا يكونوا ليكن شعارنا (أنمو و ينمو معي غيري و أنافس ذاتي) ، وأصرع جهلي ، وتسويفي ، ولومي وتقريعي للآخر والواقع الذي أعيشه.

لنعيش الحياة التي نستحق أن نعيشها بحق .

ولنتعلم دائما أن :

#حياة

#جمال

#وعي

#د.منى_هبره

Exit mobile version