لماذا الغرور ؟
كتب الشيخ محمد العزالي يرحمه الله في كتابه ( الحق المر ) يقول :
قرأت وصفآ لسرب من الجراد يطير بين غرب آسيا
وشرق أفريقيا، قالوا طوله ألف كيلو متر،
ويضم أربعين مليار جرادة، شعرت بفزع فإن هذا السرب يقارب طول القطر المصري من الشمال إلي الجنوب،
وإذا بلغ أرضنا ترك الديار بلاقع، وحصد الحدائق والحقول وتركها عيدانآ ذاوية لا خير ولا ثمر ..
سألت نفسي : ما يكون الجراد بين مخلوقات الله ؟.
حشرة طائرة لا تلفت النظر لتفاهتها، لكنها إذا اجتمعت
مع غيرها كانت خطرآ داهمآ ..
وتذكرت دودة ” البلهارسيا ” التي تجعل البشر يبولون دما وتورثهم عللآ مشقية أو مردية، إن المليارات منها تغمر مساحة محدودة في الطول والعرض،
فإذا أصاب بعضها أبناء آدم نال منهم وأودي بهم ..
وانتقل الخاطر إلي الطبيب الألماني ” بلهارس ” الذي اكتشف هذه الدودة ومسارها في الجسم الإنساني والأوصاب المتخلفة عنها ..
وقلت : لماذا بقينا ذاهلين حتي جاء الخواجة
فأسدي لنا هذا الجميل ؟.
لأترك هذا السؤال المعترض ولأعد إلي ما يهدد
البشر من أخطار ..
لقد لاحظت أن ما نستضعفه من العناصر هو الذي يتحول ماردآ عاتيآ يهددنا بالهلاك، خذ الماء مثلآ ..!!
إننا نرتفقه شرابآ وطهورآ طيعآ بين أيدينا،
ولكن ما الحال إذا أمطرت السماء وظلت تمطر أيامآ وليالي ؟.
لقد رأيت صور بلاد نكبها الفيضان فهدم بيوتآ
وقطع أوصال أخري، وغمرت الأمواج الشوارع
فلم يلق أحد حدآ، وقد رأيت موج البحار وهو يعلو ويهاجم ويفور ويمور، إنه لا يبقي ولا يذر ..
بل أنظر إلي النسيم العليل، إنك تحركه بيدك كي يرطب وجهك، وتستقبله بالرضا،
فكيف الحال إذا تحرك ريحآ عاصفة،
وبلغ من قوته أن يحمل سيارة فيقذفها بعيدآ ..
إن أضعف شيء قد يتحول بالمشيئة العليا إلي أقوي شيء،
وما يحقره الإنسان قد يتحول – بهذه المشيئة – إلي عدو ذي بأس شديد، وتدبره مع هذه الحقائق قوله تعالي :
{ يا أيها الناس ضرب مثل فاستعموا له ، إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له، وإن يسلبهم الذباب شيئآ لا يستنقذوه منه، ضعف الطالب والمطلوب }•
إن الإنسان قد تهزمه جرثومة أقل من الذبابة ألف مرة،
ومع ذلك يغره بالله الغرور !!!
من اختبارات الكاتب الصحفي محمد يوسف رزين
مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الاوسط