الصراط المستقيم

حروفٌ في التعدد؛ من الوحي والواقع جميعًا.

 

 

كتب/حمزة أبوزهرة.

 

– أباح الإسلام بعامَّةٍ للرجل الزواجَ بأكثرَ من امرأةٍ.

 

– حُكم التعدد الخاصُّ يختلف باختلاف الرجال وأحوالهم.

 

– طلبُ المرأة الأولى الطلاقَ بسبب التعدد (فقط)؛ لا يجوز لها.

 

– إذا سألت المرأة زوجها الطلاق لضررٍ خارجٍ عن التعدد؛ جاز لها ذلك.

 

– بُغضُ النساء التعددَ (طبعًا) أمرٌ طبيعيٌّ وصِحِّيٌّ، أما بغضهن إياه (شرعًا) فكفرٌ.

 

– ترجيح التعدد راجعٌ إلى الزوج وحده، فيوازِن بين حاله قبله وحاله بعده؛ (بالورقة والقلم).

 

– لِيَختبر الرجلُ العاقلُ شدةَ رغبته في التعدد في مدةٍ كافيةٍ وعلى أحوالٍ متباينةٍ من قبل أن يعزم عليه، فأما مطلَق الرغبة في التعدد؛ فلا تنفك عن رجلٍ من الرجال إلا قليلًا، فمن حمله على التعدد مطلَق رغبته فليتأنَّ لا يَعجل به.

 

– قبل أن يُنصَح للرجل بجَوَّانيَّات التعدد؛ يُنصَح له برَّانيًّا بتنقيح وزن حاجته الحقيقي إليه، فكم رأينا من رجالٍ عظَّم حاجتهم إلى التعدد فراغُ البال مما يجب أن يشغله، وخلاءُ الحال مما يتعيَّن التحقق به!

 

– من كان صالح البال والحال مع امرأته الأولى وأبنائها، ثم ابتغى التعدد (رفاهيةً)، وهو يعلم ما يجرُّه التعدد من أضداد ذلك؛ فخفيف العقل، وقياسُ التعدد -وهو ما هو في نفسه وفي آثاره عند عقلاء الناس أجمعين- على سائر المباحات الرفاهية؛ قياسُ المساطيل.

 

– إذا ترجح للرجل التعدد عن غير الرغبة العامة التي لا تكاد تنفك عن رجلٍ، وقدَرَه حقَّ قدْره؛ فليتوكل على الله حق توكله، راجيًا برحمته مغانمَه، متعوِّذًا بعزته من مغارمه؛ فإنها ليست أرحامًا تَدفع وأرضًا تَبلع؛ بل الله مَولى مُؤْنة التوفيق.

 

– إذا هان التفريط في اختيار المرأة الأولى على أساس الدين (ولا يهون)؛ فإن اختيار الثانية على غير أساسه مصيبةٌ عظيمةٌ من كل وجهٍ، وعائدٌ على الرجل في نفسه وبيتَيه جميعًا بعد ذلك بخسائرَ لا تُحصى.

 

– لم يجئ الإسلام بالتعدد فقد كان معروفًا في الجاهلية وفي الأمم السابقة؛ لكنه أحكَمه إحكامًا.

 

– لا يقول: لم لا تعدِّد المرأة أزواجها كذلك! إلا زنديقٌ خُسِفَ بفطرته وعقله جميعًا.

 

– من جبر امرأته الأولى عند التعدد بهديةٍ ونحوها مما تُتحَف به؛ فنبيل النفس كريم الأصل وافِر الرجولة رحيم الفؤاد.

 

– جبرُك خاطرَ امرأتك الأولى عند التعدد شيءٌ، وقبولُك إلزامَها أو أهلِها بذلك شيءٌ آخر.

 

– تجاوُز امرأتك الأولى عن تفريطك في حقها وأبنائها؛ ينقطع عند الساعة الأولى من الزواج الثاني.

 

– رضي الله عبدًا جعل من امرأته القديمة امرأةً حديثةً؛ يُجدِّد منها ما بَلِي، ويعينها على إصلاح ما طرأ على هيئتها بعد تكرار الحمل والولادة، فيبعثها في نفسها وفي نفسه بعثًا جديدًا؛ رضيه الله.

 

– يا أيها التي تزوج زوجها عليها فظلمها ظلمًا يعلمه الله؛ لكِ أسوةٌ في صحابيةٍ شكت زوجها إلى الله، فسمع الله شِكايتها، وأنزل في شأنها قرآنًا يُتلى إلى يوم الدين، لن تُنصفكِ بعد الإسلام جاهليةٌ.

 

– تسليم المرأة لربها في شرعه، واحتسابها أجرَ صبرها على قدَره، ووُفور مروءتها مع زوجها ومن تزوج بها، وشُغلها بإصلاح قلبها وذريتها؛ من أوسع ما يُبرِّد غيرتها، واللطف من الله.

 

– ليس التعدد رسالةً تقول للأولى: أنا زاهدٌ فيكِ، أو رغبت عنكِ، أو مللت الحياة معكِ؛ بل لعله رسالةٌ تقول: قد استفدت بظِلالكِ في نفسي وعقلي وقلبي شيئًا عظيمًا، وإني أريد أن أخطو بذلك كله في مسافةٍ جديدةٍ خطوةً أخرى، وإن الله قد بسط لي من الشهوة ما لو بثثتُه فلم أجحده؛ كان أصلحَ لزوجكِ حبيبكِ بالًا وحالًا ومآلًا؛ فأرضيني أرضاكِ الله.

 

– مناقشة الرجل المرأةَ الأولى في التعدد دينيًّا وعقليًّا -قبل وقوعه أو بعده؛ ابتغاءَ إقناعها- ضربٌ من ضروب البلاهة؛ فأما قبل التعدد فلا كلام، وأما بعده فالإحسان المضاعَف، وأحسنُ إحسانك إلى امرأتك تجاوُزُك عن إساءتها، وإعانتُها بالرأفة على نفسها وعلى شيطانها وشياطين الإنس من حولها.

 

– تقيس المرأة الرجل على نفسها بغيرٍ وعيٍ منها أو بوعيٍ، إذ لم يجعل الله العليم الحكيم لقلبها وعقلها طاقةً بمحبة زوجين ومعاشرتهما في وقتٍ واحدٍ، ما بقيت شريفةً عفيفةً بحمد ربها، فتراه -إذا خطر له التعدد على بالٍ، أو طاف له بخيالٍ، أو دار له بمجالٍ- خائنًا لجميل ودادها، غادرًا بنبيل وصالها، شهوانيًّا سُفليًّا خليعًا حقيرًا، والفرق بينهما في هذه الطبيعة كالفرق بين الليل والنهار، ولا عليها أن تعقل هذا فإنه عسيرٌ إلا على من يسره الرحمن لعقلها؛ لكن عليها ألا تُشنِّع عليه بالخيانة والغدر؛ فإن الظلم حرامٌ كله ما دامت السماوات والأرض.

 

– “إذا أحب الرجل امرأةً؛ ماتت في عينيه كل النساء”؛ تلك كذبةٌ لا يتجاسر عليها مسيلِمة الكذاب والذين آمنوا معه، ولو سمعها مسيلِمة الكذاب نفسُه؛ لتعوَّذ بالله أن تُخسف الأرض بشؤمها، ولا يقولها رجلٌ لامرأةٍ إلا في سمادير غيبوبة السَّهوكة بينهما، ولا تصدِّقه امرأةٌ فيها إلا لزوال عقلها لا لنقصانه.

 

– “ليس منا من خَبَّب امرأةً على زوجها”؛ حَسْب إناث شياطين الإنس اللواتي يُفسدن المرأة على زوجها -إذا تزوج عليها- من السوء في الدنيا والآخرة؛ براءةُ نبي الله -صلى الله عليه وسلم- منهن.

 

– القانون الجديد الذي يحظر التعدد إلا بإذنٍ كتابيٍّ من المرأة الأولى؛ قانونٌ شيطانيٌّ يُضيِّق مجاري الحلال ليُوسِّع مجاري الحرام، ومن هَشَّتْ له من النساء وبَشَّتْ؛ فلتراجع إيمانها بالله، أما الفرحون به من غير النساء؛ فشُذَّاذٌ مخنثون، عليهم مراجعة ذكورتهم قبل مراجعة إيمانهم؛ حَسْبنا الله.

 

– تبريرُك التعددَ لزوجك الأولى بما صارت إليه من ضعفٍ في نفسها أو جسدها أو حالها؛ قبيحٌ ذميمٌ، وأشدُّ منه أن تحدِّث بذلك زوجَك الثانية، وأشدُّ منهما ألا ترعوي إذا ذُكِّرْتَ بالله فتماديتَ ولم تتذكر.

 

– من عدَّد فعدَل؛ فبيَّضَ الله في الدارين وجهه؛ كما زاد وجه الإسلام الصَّبيح بياضًا.

 

– معدِّدو النساء -إلا قليلًا- لا يصلحون للزواج الأول أصلًا.

 

– يبقى التعدد (على قدْره، ووجهه، لأهله)؛ من مفاخر هذا الدين.

 

– لم يُغفِل الإسلام وجع المرأة الأولى بالتعدد؛ لكنه أوسعُ بصرًا بمصالح التعدد في عموم الناس والحياة، وعامة المباحات غالبة المنافع لا خالصة، وقد جاء الإسلام بجَلْب المصالح أو تكميلها، وبدَرْء المفاسد أو تقليلها، ومن احترم عقله أثنى على الإسلام بإباحة التعدد ولو كان به كافرًا.

 

– لم يدَع الإسلام في حق المرأة قولًا لقائلٍ؛ بل أنصفها غاية الإنصاف، وجعل عقاب ظلمها في الدنيا والآخرة عقابًا أليمًا، حتى جعل مجرَّد ظنِّ الظلم مانعًا من التعدد؛ “فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً”.

 

– كم من ظالمٍ لامرأته من غير تعددٍ، وكم من مقسطٍ إلى امرأته مع التعدد!

 

– العدل بين النساء في المحبة والتَّماسِّ غير واجبٍ، وتصريح الرجل بالثاني دَنَسٌ وحرامٌ.

 

– العدل واجبٌ في كل ما يقدر الرجل عليه؛ مما يجب عليه أو يُستحب أو يُباح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وبه أدين الله أحكمَ الحاكمين.

 

– لا فرق -في القَسْم- بين الحائض والنُّفساء والمريضة، وبين من لسْن كذلك.

 

– لم يرفض الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يتزوج عليٌّ امرأةً أخرى على فاطمة ابنته -رضي الله عنهما- وحاشاه؛ بل رفض أن تكون المرأة الثانية لعليٍّ هي ابنة أبي جهلٍ لعنه الله.

 

– تركيز الفجرة على حق المرأة الأولى؛ يُشعرني أن الزواج الثاني كائنٌ برجلٍ لا بامرأةٍ مثلها، وقد تكون حاجة الثانية إلى الزواج أعظم من حاجة الأولى يوم تزوجت، ومن سار في الأرض عرف.

 

– اعتبار سعة الرزق قبل التعدد شأنُ العقلاء، وإغفاله شأنُ الدراويش، ولا ينافي ذلك التوكلَ على الله.

 

– “الزانية ولا الثانية”؛ كذلك تقول الجاهلية الحديثة؛ قاتل الله الكفر ومن يعين عليه.

 

– تكره المرأة التعدد وحُقَّ لها، ولعل التعدد أن يكون بركةً عليها وعلى أولادها من جهة حذَرها فواتَ حظوظها من زوجها، وكم رأينا في التعدد من إثارة سواكن مودَّات القلوب -في برودة العِيشة المألوفة- ما بعث في البيوت خوامدَها وحرَّك جوامدَها! “وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ”.

 

– من يمزح بالتعدد حينًا ويهدد به أحيانًا؛ طفلٌ بائسٌ، لعله إن بلغ الحُلُم يومًا بلغ الرُّشد إن شاء الله.

 

– المرأة التي تُبغِّض زوجها إلى نفسها وأبنائها وأهلها والناسِ بمجرَّد التعدد؛ بهَتك سيئاته وكشف عوراته، وبالزيادة فيها كثيرًا؛ امرأةٌ لم يُربِّها رجلٌ، وهي مع ذلك ظالمةٌ تنتظر جزاء الله العدل، ولا يغفر لها عند الله افتراءَها على زوجها ما أَوقدت الغيرةُ في قلبها من نارٍ.

 

– “زوَّجتني زوجتي، زوَّجتُ زوجي”؛ عناوين معاتيه المجانين، سلفيِّين وغيرِ سلفيِّين.

 

– يفرِّط الرجل (صُوريًّا) في البيت الأول (بتضييع حقوقه)، ويفرِّط (حقيقةً) في البيت الثاني (بالطلاق)؛ هذا عامة ما رأيناه في الواقع الأسود، وبالله الغوثُ من الظلم كلِّه؛ دِقِّه وجِلِّه، علانيتِه وسرِّه.

 

– لا أنصح لامرأةٍ -مهما عظُمت حاجتها- أن تتزوج رجلًا يخفي زواجها عن امرأته الأولى؛ ذلك وَطَرٌ عاجلٌ يوشك إذا قُضي أن تضيع من بعده، ولقد أبصرنا من الدواهي في هذا ما الله به عليمٌ، وإن من عجز أولَ أمره عن احتمال هذا الامتح‍ان؛ لَهُو أعجز عن احتمال ما فوقه من امتح‍انات الحياة.

 

– المرأة التي لا تُنجب، ومع ذلك تهدد زوجها بطلب الطلاق إذا تزوج عليها؛ غارقةٌ في الأَثَرَة (الأنانية).

 

– تَحَسُّسُ المرأة أخبارَ ضُرَّتها من ضعف الديانة والأمانة، وهو من أعظم ما تُكدَّر به النفس والحياة، ولو فقِهت نفسَها -قبل دينها- لقطعت كل وسيلةٍ بينهما، ولألزمت زوجها ألا ينقل شيئًا عن إحداهن إلى الأخرى، إلا ما قد يشاء الله بالتدرج بعد هذا شيئًا فشيئًا بين البيتين بلُطفه الكريم، ولا ينقل أخبار البيتين بينهما إلا معدِّدٌ مهينٌ.

 

– يا أيها المعدِّد؛ افصل بين امرأتيك، وصِل بين أبنائك. كيف؟ هي وظيفتك أنت.

 

– إنما الحاجة الحقيقية للرجل قبل أن يعدِّد؛ إلى زيادة الدين والعقل، لا إلى زيادة العاطفة؛ دينٍ يستوهب به من الله التوفيق في نفسه وأهله وأبنائه، وعقلٍ يدير بحكمته تقلُّباتِ العافية والبلاء، وإذا كانت النساء في صورة أمرهن مفتقراتٍ إلى شدة عاطفة الرجال؛ فإنهن في حقيقة أمرهن مفتقراتٌ إلى ذكائهم العاطفي، والفرق بين شدة عاطفة الرجل وبين ذكائه العاطفي واسعٌ كبيرٌ لمن تأمَّل.

 

– أُخوِّف المرأة الأولى مطاوَعة نفسها وشيطانها في تعدد زوجها؛ بل تتأنَّى وتتروَّى لا تغرُّها عافية اليوم، رُبَما تود يومًا من الأيام أن تكون زوجًا ثانيةً فلا تجد، والجزاء من جنس العمل، “وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ”.

 

– غيرة المرأة طبيعيةٌ وضروريةٌ؛ ما لم تتعدَّ حدَّ الله، أو تُزري بنفسها فتكون أُحْدُوثَةَ الناس.

 

– المرأة الثانية التي تعرف للبيت الأول قدْره وتحفظ رُتبته وتعين زوجها على الوفاء له كمالًا تمامًا؛ صِدِّيقةٌ يُناطح نُبلُها الجَوزاء، وتُزاحم مروءتُها الشمسَ في الجلاء، ومن لا؛ فلتستعن مولاها.

 

– يسألونك عن بيتٍ بقي مَحِلُّه بين المودة والرحمة بعد التعدد؛ قل: هو موجودٌ؛ لكنه قليلٌ قِلَّةَ كلِّ شيءٍ جميلٍ في هذه الحياة الدَّميمة. وإني لأعرف رجالًا لو أباح الله لأحدٍ بعد رسوله الزيادة على أربعةٍ؛ لكان لهم، لا لشيءٍ إلا لكمال عقولهم وعظمة أخلاقهم واستعانتهم بالله على التسديد والمقاربة، ومن قبلُ ومن بعدُ عَمَار ما بينهم وبين الله.

 

– لست أعجب من حرب العاهرين على التعدد؛ فإنهم لا يعرفون الزواج الأول حتى يعرفوا الثاني؛ لكنَّ العجب الذي لا ينقضي من حرب الطاهرين إياه! لبئس ما أشبهوا به أعداءَهم لو كانوا يفقهون.

 

– المرأة التي لا يظلمها زوجها بالتعدد ظلمًا كليًّا عامًّا، وهي مع ذلك تؤزُّه أزًّا ليطلق الثانية؛ جائرةٌ جانيةٌ على نفسها قبل ضُرَّتها في الدنيا والآخرة، وأخشى أن يُسلَّط عليها زوجُها إذا فرَغ بعد الطلاق لها.

 

– الرجل الذي يطلق الثانية لأجل الأولى بغير علةٍ إلا رضاها؛ وغدٌ سافلٌ عليه من الجبَّار ما يستحق، وإن وفَّى لها حقوقها المادية، ويوشك أن يجُور على الأولى كما جار على الثانية جزاءً وِفاقًا.

 

الحمد لله على الإسلام عقيدةً وشريعةً وأخلاقًا، والبراء إليه من الجاهلية عقيدةً وشريعةً وأخلاقًا، وهو المستعان على حق التسليم له في هذا الزمان الرَّهيب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.