احدث الاخبار

الرئيس السيسي يبحث مع رئيس حكومة أسبانيا العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

السيسي يؤكد أهمية التوصل لاتفاق شامل وعادل ومُلزم لملء وتشغيل سد النهضة

سانشيز يؤكد عُمق أواصر الصداقة والروابط التاريخية التي تجمع بين مصر وأسبانيا

كتب – عبد الله عبد ربه 

استقبل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم الأربعاء 1 ديسمبر 2021 بقصر الاتحادية السيد بيدرو سانشيز، رئيس حكومة مملكة إسبانيا.

وصرح المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية بأن اللقاء شهد عقد مباحثات ثنائية، أعقبها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين، حيث رحب السيد الرئيس برئيس الحكومة الإسبانية، مشيراً سيادته إلى ما تعكسه هذه الزيارة من التزام الجانبين باستمرار العمل على توطيد العلاقات القوية بينهما والممتدة عبر ضفتي المتوسط، خاصةً بعد حالة قوة الدفع التي شهدتها تلك العلاقات في أعقاب زيارة السيد الرئيس لإسبانيا في عام 2015، ومؤكداً حرص مصر على استمرار التنسيق الوثيق ودفع أوجه التعاون المشترك بين البلدين، لاسيما في المجالات الاقتصادية والتجارية، لما فيه صالح الدولتين والشعبين الصديقين.

من جانبه؛ أعرب رئيس الحكومة الإسبانية عن سعادته بزيارة مصر وتقديره لحفاوة الاستقبال، مؤكداً عُمق أواصر الصداقة والروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين، وتطلع بلاده للعمل على الارتقاء بالتعاون الثنائي مع مصر في كافة المجالات، خاصةً في ظل الدور المحوري الذي تقوم به مصر في إرساء دعائم الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والبحر المتوسط، بالإضافة إلى دورها الحيوي بقيادة السيد الرئيس في مكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط، وكذا مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف ونشر ثقافة التسامح والتعايش واحترام حرية العقيدة، وهو الأمر الذي يرسخ من دور مصر المحوري والهام كعامل داعم لعلاقات أوروبا بالمنطقة العربية والقارة الأفريقية وكذلك جنوب البحر المتوسط.

وأوضح المتحدث الرسمي أن المباحثات بين الجانبين تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وإسبانيا، حيث تم التوافق في هذا الإطار بشأن إنشاء لجنة وزارية مشتركة تعقد اجتماعاتها بصفة دورية بالتناوب بين البلدين.

كما تم التطرق في هذا الصدد إلى إطلاق “مجلس الأعمال المصري الإسباني المُشترك” على هامش الزيارة الحالية، وذلك بهدف دفع علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين إلى آفاق أرحب، فضلاً عن التباحث بشأن تعظيم التعاون في عدد من المجالات الثنائية ذات الاهتمام المشترك، كالبنية التحتية والطاقة ومعالجة المياه والسياحة، إلى جانب قطاع النقل في مصر، وكذا قطاع الرعاية الصحية، لاسيما في مجال تجميع وتصنيع مُشتقات بلازما الدم، وكذلك مكافحة كورونا وتصنيع اللقاحات، حيث أعرب السيد الرئيس في هذا الإطار عن الامتنان لقيام الحكومة الإسبانية مؤخراً بإهداء أكثر من 4 مليون جرعة لقاح مضاد لفيروس كورونا إلى مصر.

كما استعرض السيد الرئيس الجهود المصرية للتنمية من خلال المبادرات والمشروعات القومية المختلفة، معرباً سيادته عن التطلع لمزيد من انخراط إسبانيا عبر آليات مؤسساتها التنموية المختلفة في أولويات خطط التنمية المصرية بمختلف المجالات، فضلاً عن العمل على مضاعفة حجم الاستثمارات الإسبانية في مصر ودفع عجلة التعاون الاقتصادي بين الجانبين، خاصةً في ضوء الإصلاحات التي دشنتها الحكومة المصرية لتحسين البيئة التشريعية المتعلقة بمناخ الاستثمار والأعمال في مصر، وكذلك الفرص الواعدة المتاحة بالمشروعات الكبرى.

من جانبه؛ أكد السيد “سانشيز” حرص إسبانيا على دعم الإجراءات الطموحة التي تقوم بها مصر سعياً للنهوض بالاقتصاد وتحقيق التنمية الشاملة، لاسيما من خلال زيادة الاستثمارات ونقل الخبرات والتكنولوجيا وتوطين الصناعة الإسبانية، مشيداً بالنتائج الإيجابية الملحوظة في المؤشرات الاقتصادية لمصر، والتي أثبتت صلابة الاقتصاد المصري على الرغم من التداعيات الاقتصادية العالمية التي نتجت عن جائحة كورونا.

وأضاف المتحدث الرسمي أن المباحثات تناولت تداعيات ظاهرة الهجرة غير الشرعية وتدفق اللاجئين، حيث أكد الجانبان أهمية التعامل مع تلك الموضوعات من منظور شامل يتضمن معالجة الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى تزايدها خلال الفترة الماضية، بما في ذلك العمل على تضافر الجهود الدولية للتوصل إلى تسويات للأزمات القائمة بدول المنطقة. كما تم التأكيد على أن التعاون المصري الأوروبي يُمثل مصلحة مشتركة تضيف لرصيد العلاقة المتميزة بين الجانبين، خاصةً في ظل استضافة مصر لملايين من اللاجئين، فضلاً عن جهودها في ضبط سواحلها مما أدى إلى عدم رصد أية حالة للهجرة غير الشرعية منذ عام 2016.

كما تم مناقشة آخر مستجدات الأوضاع الإقليمية ذات الاهتمام المتبادل، لاسيما تطورات الملف الليبي، حيث حرص رئيس الحكومة الإسبانية على الإشادة بالجهود المصرية في هذا الخصوص لمعالجة مختلف أبعاد القضية، وذلك تحت القيادة الحكيمة من السيد الرئيس، مؤكداً حرص إسبانيا على مواصلة التعاون والتنسيق المكثف بين البلدين في هذا الملف المهم، وصولاً إلى التسوية السياسية الشاملة للأزمة.

كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي

وفي ختام المباحثات بين الرئيس السيسي ورئيس حكومة أسبانيا حضرا  المؤتمر الصحفي المُشترك.

فيما يلي نص كلمة الرئيس السيسي

مع السيد/ بيدرو سانشيز

رئيس حكومة مملكة إسبانيا

معالي السيد/ بيدرو سانشيز

رئيس حكومة مملكة إسبانيا الصديقة،

يُسعدني أن أرحب بكم والوفد المرافق لكم اليوم ضيوفاً أعزاء خلال زيارتكم الرسمية إلى جمهورية مصر العربية، والتي تأتي في إطار حرصنا المُستمر على تبادل الرؤى والتباحُث حول سُبل تطوير وتعميق أوجه التعاون الثنائي بين بلدينا الصديقين في مُختلف المجالات، فضلاً عن التشاور حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المُشترك.

لقد أجريتُ مع دولة رئيس الحكومة الإسبانية مُباحثات مُثمرة وبنّاءة، عكست بوضوح إرادتنا السياسية المُشتركة لتعزيز أطر التعاون بين مصر وإسبانيا في مختلف المجالات، بما يسمح بالاستفادة المثلى من إمكانياتنا لخدمة مصالح البلدين، حيثُ استعرضنا سُبل تعزيز العلاقات الثنائية، خاصةً في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والسياحية، في ضوء علاقات الصداقة التقليدية الوثيقة بين الدولتين. كما أكدنا عزمنا على الانطلاق بالعلاقات بين مصر وإسبانيا إلى آفاق أرحب للتعاون الثنائي، بحيث تصبح إسبانيا شريكاً رئيسياَ لمصر ونحن نمضي بخطوات ثابتة على طريق التنمية والتقدم.

وفي هذا الإطار، فقد اتفقت مع السيد سانشيز على أهمية العمل المُشترك نحو زيادة الاستثمارات الإسبانية في مصر، وضرورة الاستفادة من الفرص الكبيرة التي توفرها المشروعات القومية العملاقة الجاري تنفيذُها في مُختلف ربوع البلاد، خاصةً في مجالات النقل والطاقة المتجددة والزراعة وغيرها، وأكدنا على الحاجة لزيادة معدلات التبادل التجاري بين بلدينا، بالتوازي مع العمل على تحقيق التوازن في الميزان التجاري عبر إتاحة الفرصة لمزيد من نفاذ الصادرات المصرية إلى السوق الإسبانية.

ويُسعدني في هذا الصدد أن أُشيد بالتعاون المصري-الإسباني في العديد من المشروعات الاستثمارية والتنموية الهامة، وهو تعاون ننتظر أن تتفتح له آفاق جديدة من خلال عقد مُنتدى رجال الأعمال بين مُمثلي القطاع الخاص في البلدين خلال هذه الزيارة بمشاركة دولة رئيس الحكومة الإسبانية مع السيد رئيس مجلس الوزراء، والذي سيُمثل خطوة بنّاءة على صعيد توثيق الروابط بين القطاع الخاص على الجانبين وفتح مجالات جديدة للتعاون المشترك في القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية.

كما ناقشت مع دولة رئيس الحكومة أيضاً سبل زيادة تدفقات السياحة الإسبانية إلى المقاصد السياحية المصرية، خاصةً في محافظات جنوب سيناء والبحر الأحمر ومرسى مطروح والأقصر وأسوان، وأطلعته في هذا السياق على التدابير الصحية المشددة التي تُطبقها مصر في تلك المقاصد، ومنها حملة التطعيم الموسعة التي قامت بها الحكومة المصرية للعاملين بالقطاع السياحي باللقاحات المُضادة لفيروس كورونا.

وفى هذا السياق، تبادلنا الرؤى حول التداعيات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا، حيثُ استعرضتُ من جانبي الجهود التي بذلتها الدولة المصرية وأجهزتها المختلفة للتعامل مع هذه الأزمة، والتي نجحت فيها مصر في تحقيق التوازن الدقيق بين تطبيق الإجراءات الاحترازية لاحتواء انتشار الفيروس من جانب، وتأمين استمرار النشاط الاقتصادي وتفعيل نظم الحماية الاجتماعية لمُعالجة الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية لهذه الجائحة من جانب آخر، وهو الأمر الذي مَكن مصر من تحقيق مُعدلات نمو اقتصادي إيجابية في ظل هذه الظروف الصعبة، والحفاظ على مكتسبات نهج الإصلاح الاقتصادي الذي اتبعناه في الأعوام الأخيرة.

ولعلي أنتهز هذه الفرصة لأعرب لدولة رئيس الحكومة عن خالص الشكر والامتنان لتقديم إسبانيا اللقاحات المضادة لفيروس كورونا لمصر، فيما يُعد نموذجاً للتضامن بين الدول أمام تداعيات الجائحة، وإسهاماً مقدراً من مملكة إسبانيا الصديقة في دعم حملة التطعيم المصرية الطموحة والموسعة ضد انتشار فيروس كورونا.

على جانب آخر، حرصت خلال لقائي بدولة رئيس الحكومة الإسبانية على تناول عدد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المُشترك، حيث أطلعت سيادته على آخر تطورات قضية سد النهضة، مشدداً على موقف مصر الثابت بالتمسك بصون أمنها المائي الآن وفي المستقبل، ومؤكداً على أهمية التوصل إلى اتفاق شامل وعادل ومُلزم قانوناً بين كلٍ من مصر والسودان وإثيوبيا حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، وأهمية أن يدفع المجتمع الدولي بهذا الاتجاه ويعمل على دعم ومساندة عملية تفاوضية فعالة لتحقيق هذا الهدف.

كما تبادلت وجهات النظر مع دولة رئيس الحكومة إزاء التطورات في منطقتنا بشكل عام، وفيما يتعلق بمجمل الموقف الاستراتيجي في حوض البحر المتوسط وجوارنا الإقليمي المشترك، حيث أكدت على رؤية مصر لأهمية العمل على معالجة بؤر التوتر في المنطقة من خلال حلول تعيد الاستقرار وتعزز من قدرة الدول على تحقيق طموحات شعوبها في العيش بأمان وحرية وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.

كما تناولت مباحثاتنا الجهود الدولية لمعالجة آثار ظاهرة تغير المناخ، ونتائج قمة جلاسجو الأخيرة، خاصة في ظل استضافة مصر للمؤتمر السابع والعشرين للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ العام المقبل، حيث أطلعت رئيس الحكومة الإسبانية على رؤيتنا لأهمية قيام الدول المتقدمة بمسئوليتها لدعم الدول النامية في تنفيذ التزاماتها الدولية بموجب اتفاق باريس، لاسيما ما يتعلق بدعم جهود التكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ، وتمويل عمل المناخ في الدول النامية. كما أكدت على اعتزام مصر العمل مع كافة الشركاء خلال الفترة القادمة وصولاً إلى الدورة الـ27 للمؤتمر لضمان خروجها بنتائج متوازنة تصب في مصلحة عمل المناخ الدولي وتنفيذ أهداف اتفاق باريس.

ختاماً، اسمحوا لي دولة رئيس الحكومة أن أرحب بكم والوفد المُرافق لكم مجدداً في القاهرة، وأتطلع لأن تشهد الفترة القادمة مزيداً من التعاون والتنسيق بين البلدين بما يُحقق الرخاء والازدهار لشعبينا الصديقين.

وشكراً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.