الصراط المستقيم

لماذا أسْلَمْت؟ حلقة (9).. إسلام مستشار الرئيس الأمريكي نيكسون

   الدكتور روبرت گرين :الإسلام هو الحل الوحيد لمشاكل الحضارة الغربية. 

بقلم / الدكتور محمد النجار 

يتعجب المرءُ في كيفية وصول الإسلام الى القلوب خاصة في دول الغرب في أوروبا وأمريكا.   فكل منهم يصله الإسلام بطريقة خاصة ونظرة مختلفة .. ومعنا في هذه الحلقة الدكتور روبرت كرين مستشار الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون ، وهو نموذج من النماذج الغربية التي وصل إليها الإسلام عن طريق تخصصه وبعد  دراسة متعمقة.

وُلد  روبرت كرين  عام 1929م  في كامبريدج ، ماساتشوستس بالولايات المتحدة الأمريكية ، والتحق بجامعة هارفارد لدراسة اللغة الروسية في سن مبكرة وعمره 16 عام ،وهو يتأمل  أن يصبح صحفيًا دوليًا عام 1948 ، وحالفه القدر ، فأصبح  أول أمريكي سمحت له الجامعات الألمانية المحتلة من الروس الشيوعية-الاتحاد السوفيتي حينئذ- بالدراسة فيها ، وذلك في “جامعة ميونيخ ، الذي درس فيها علم اجتماع الدين ، وألف كتابًا عن الأنظمة الشمولية  الديكتاتورية وحركات مقاومة هذه الأنظمة.

المؤهلات العلمية للدكتور روبرت كرين 

الدكتور روبرت كرين

حصل روبرت كرين على شهادتي دكتوراه :

الأولى : دكتوراه في القانون العام ،

الثانية : دكتوراه في القانون الدولي والقانون المقارن.

ويتقن ست لغات حية .

وقد ألف اثني عشر كتابا وأكثر من 50 مقالة في القانون والنظم القانونية المقارنة والإستراتيجية العالمية وإدارة المعلومات     .

المناصب التي تقلدها دكتور روبرت كرين

شغل د.كرين مناصب عالية في مواقع حساسة في الولايات المتحدة الأمريكية،منها :

  1. مستشار  الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في السياسة الخارجية.
  2. نائب مدير مجلس الأمن القومي الامريكي في البيت الأبيض   .
  3. مؤسس مركز الحضارة والتجديد في الولايات المتحدة الاميركية
  4. مؤسس رابطة المحامين الاميركيين المسلمين.
  5. مدير القسم القانوني للمجلس الاسلامي الاميركي.
  6. رئيس جمعية هارفارد للقانون الدولي
  7. عينه الرئيس رونالد ريجان سفيراً لأمريكا في دولة الإمارات.

الرئيس نيكسون  وروبرت كرين

كيف بدأت علاقة رئيس  الولايات المتحدة الامريكية ريتشارد نيكسون ومستشاره روبرت كرين؟.

كتب الدكتور روبرت كرين مقالاً طويلاً عام 1963م عن الإتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية ، وكانت الحرب الباردة بين الدولتين قائمة على أشدها ، ولأقدار الله ، جذب هذا المقال الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون ، فقرأه وهو في طائرته ، ونظرا لأهمية ما ورد في المقال ، استدعى الرئيس نيكسون روبرت كرين ، وكلفه بوضع كتاب عن السياسة الخارجية الاميركية وحول الشيوعية.  وعلى إثر ذلك ، عينه الرئيس نيكسون مستشاراً للشؤون الخارجية ، ثم  نائباً للرئيس للأمن القومي في البيت الأبيض.

اختلاف هنري كيسنجر مع روبرت كرين بسبب قضية فلسطين

هنري كيسنجر

استمر دكتور روبرت كرين  مستشاراً في البيت الأبيض سنوات طويلة يمثل الجناح الأمريكي الذي يسعى للعدالة في قضية فلسطين حيث كان من مؤيدي إنشاء دولة فلسطينية ، ولم يغادره إلا عندما تم تعيين وزير الخارجية اليهودي هنرى كينسجر ، و الذي لم تعجبه آراء الدكتور روبرت كرين في القضية الفلسطينية التي كانت تدور حول حل الدولتين وإعطاء حقوق الشعب الفلسطيني ،بينما  كان يرفض كيسنجر إقامة دولة فلسطينية بل يرفض مجرد ذكر إسم دولة فلسطين ، وإنما كان يؤمن بحق إسرائيل في كل الأراضي الفلسطينية، بل يرفض وجود أي شخص في الخارجية الامريكية يؤمن أو يتحدث عن أي فكرة لدولة فلسطينية.

 الرئيس نيكسون يطلب من المخابرات تقرير عن الإسلام

طلب الرئيس نيكسون تقارير عن الإسلام من المخابرات الأمريكية ، فوافته بملف كبير عن الأصولية الاسلامية ، لم يستطع نيكسون قراءة تلك التقارير الكثيرة ، فأحالها للدكتور روبرت كرين لقرائتها وإعداد ملخص لها يسهل عليه قرائته .

تأثير تقارير المخابرات على روبرت كرين

ورغم أن التقارير عن الإسلام والمسلمين لم تكن مكتوبة بأيدي مسلمة ، بل بأيدي   المخابرات الأمريكية ،  إلا أنها تركت أثراً حسناً تأثر به قلب وروح روبرت كرين.

كيف أسلم روبرت كرين

وحسب طلب حكومة كرين بمتابعة وحضور المؤتمرات والندوات التي تُعقد عن الإسلام والمسلمين ، فقد حضر مؤتمر في دمشق عام 1980م ، تحدث فيه الدكتور حسن الترابي ، فاندهش لهذا العدل الذي ينص عليه القرآن الكريم كثيرا من المرات ، وهو مالم يجده في أي قانون أو شريعة  في العالم .

تأثير صلاة  د.حسن الترابي على روبرت كرين

السجود لله بوابة الدخول إلى الإسلام

ثم شاهد الدكتور الترابي  وهو يصلي ويسجد ،  فظن في بداية الأمر أن هذه  إهانة له ولإنسانيته ، ولكنه عرف بعد ذلك أن الشيخ حسن الترابي لاينحني لأحد ، وإنما  ينحني لله ويسجد له ، فتأكد أن هذا العمل هو الصحيح.

جارودي الفرنسي وكرين الأمريكي وعدالة الإسلام

تقابل روبرت كرين  مع البروفسور روجيه غارودي في دمشق الذي كان يهاجم الرأسمالية عندما كان شيوعيا باحثا عن العدالة في فرنسا ، ثم تم طرده من الحزب الشيوعي لاكتشافه جفاء الشيوعية للعدالة. وقد شرح جارودي المفهوم الحقيقي للعدالة والذي لم يجد سوى في الدين الإسلامي. وحسب دراسته العميقة والمتخصصة في القانون ، وجد أن المُثل العليا والمبادئ الإنسانية التي  كان يسعى إليها ولم يجدها ، فقد وجدها  في الإسلام.

يقول كرين : وكلانا كان يدعو إلى نظام يدعو إلى إنتاج وإعطاء العدالة للجميع. لذلك وجدنا أن الإسلام هو الحل الوحيد، فهو الذي يحمل العدالة في مقاصد الشريعة، في الضروريات والكليات والجزئيات، وأنا كمحام كنت أسعى إلى مبادىء ليست من وضع البشر.

فانشرح صدره للإسلام ، وأشهر إسلامه عام 1980، واختار اسماً جديداً له “فاروق عبد الحق” ، تأسيًا بخليفة المسلمين وفاروق الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه الذى كان إمامًا للعدل بعد النبي صلى الله عليه وسلم .

وأصبح اسمه  د. فاروق عبد الحق (د. روبرت كرين سابقا).

وأصبح من هذا التاريخ يهتم بمستقبل الإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة ، وقدم محاضرات وأطروحات مهمة في مؤتمر الإتحاد الإسلامي لأمريكا الشمالية المعروف اختصاراً بـ ISAN عام 1986م بمدينة أنديانا بوليس، والذي خصص لمناقشة مستقبل الإسلام في أمريكا الشمالية .

تأثير تربية الوالد في مستقبل أبناءه

ظل هاجس العدل والدفاع عن الحق الذي زرعه والد روبرت كرين يطارده طوال حياته ، فدرس القانون وحصل على شهادتين للدكتوراه في القانون في أعظم جامعات العالم “جامعة هارفارد ، لكنه لم يجد العدالة المزروعه في كيانه، وظل يبحث عنها ، ولم يحصل عليها إلا بعد أن درس الإسلام واعتنقه عقيدة وشريعة وأخلاق.

يقول كَرين: كان والدي يعمل أستاذاً في جامعة هارفارد. وقد علّمني أن أهتم وادافع عما هو صواب، وأن أحاول تجنب الخطأ. وقد قضيت معظم وقتي في التحرّي عن العدل والعدالة قبل أن أصبح مسلما  .

كنت أبغض المسيح ، وما أحببته إلا بعد إسلامي

ويظهر تأثر د. فاروق عبد الحق بالقرآن الكريم في قوله: كنت أبغض المسيح، وما أحببته إلا بعد إسلامي، فأحببت مسيح القرآن، ولم أقتنع بمسيح الكنيسة  .

إسلام اليهودي استاذ القانون بسبب آيات الميراث

كنت أظن أن اليهودي المسيحيى لديه نظام تشريعي في الميراث أفضل من تشريع الإسلام في الميراث ، وعندما بدأت أقرأ  عن المواريث في اليهودية وأتباعها النصرانية، وجدت غير ذلك تماما .ففي بريطانيا مثلا : لا يرث إلا الإبن الأكبر ، يرث كل شئ حتى الألقاب والجاه والسلطان ، أن اليهودية تحرم المرأة من الميراث، فالقاعدة العامة : “المرأة لا ترث”. فهي ملك لأبيها قبل الزواج، وملك لزوجها بعد الزواج.

جاء في الإصحاح27  في سفر العدد :

“يرث الأبناء (ثروة أبيهم) والبنات يتعيشن، فكما أن الأبناء لا يرثون إلا بعد موت الأب، كذلك البنات لا يتعيشن إلا بعد موت أبيهن. .

وتقول لبني إسرائيل: أيما رجل مات، وليس له ابن تنقلون ملكه إلى ابنته. 9وإن لم تكن له ابنته تعطوا ملكه لإخوته. 10وإن لم يكن له إخوة تعطوا ملكه لأعمامه. 11وإن لم يكن لأبيه أخوة تعطوا ملكه لنسيبه الأقرب إليه من عشيرته فيرثه).

ونرى  في هذه النصوص أن الأبنة لاترث ولا الأرملة ، ولا الأب أو الأم أو الإخوة.

ونرى قوانين الميراث في الدول الغربية مئات الصفحات دون تحقيق العدالة .

لذلك يقول د.  روبرت گرين” فاروق عبد الحق” :

كنا في حوار قانوني، وكان معنا أحد أساتذة القانون من اليهود، فبدأ يتكلم  ، ثم بدأ يخوض في الإسلام والمسلمين ، فأردت أن أسكته، فسألته: هل تعلم حجم قانون المواريث في الدستور الأمريكي ..؟

قال: نعم ، أكثر من ثمانية مجلدات.

فقلت له: إذا جئتك بقانون للمواريث فيما لا يزيد على عشرة سطور، فهل تصدق أن الإسلام دين صحيح ..؟!!

قال:لا يمكن أن يكون هذا.

فأتيت له بآيات المواريث من القرآن الكريم وقدمتها له، فجاءني بعد عدة أيام يقول لي:

(((لا يمكن لعقل بشري أن يحصي كل علاقات القربى بهذا الشمول الذي لا ينسى أحدًا ثم يوزع عليهم الميراث بهذا العدل الذي لا يظلم أحداً)))

(((( … ثم أسلم هذا الرجل اليهودي ..!)))).

نعم ،، إنه ديننا العظيم ..

(((ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ))).

هل نخجل من ديننا بعد إسلام أمثال د.روبرت كرين

إن حضارة الغرب حضارة علمانية مادية ، لا قيمة فيها للروح والدين ، وتزدري الأديان ،ومليئة بالتناقضات والتشوهات والعنصرية وإشاعة الفاحشة  وتدمير الفطرة الإنسانية بحجة الحرية الشخصية ، والكيل بمعيارين مع الشعوب ، وتغليب المصالح حتى لو أدى ذلك الى القتل وسفك الدماء والانقلابات وتغيير الانظمة  والسلب والنهب   وتدمير الشعوب نتيجة بيع السلاح والمخدرات. وقد قُتل مئات الملايين من البشر  في الحروب العالمية الأولى والثانية والحروب الصليبية الاستعمارية .

وهاهم حكماء وعلماء الغرب ، من كل أقصاع الأرض ، ومن كل الديانات ، يدخلون في الإسلام  طواعية باقتناعهم بطهارة هذا الدين وتعاليمه السامية ، ويكتبون بإيديهم :  أن الإسلام هو الحل الوحيد لمشاكل الحضارة الغربية المعاصرة.

إنهم بإسلامهم يشهدون بأن دين الاسلام هو الوحي الإلهي الذي لم تمسسه يد بشر بتحريف أو تبديل أو تعديل.. إنهم يشهدون بأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان وأنه باقٍ الى يوم الدين.

فهل نخجل نحن المسلمون من ديننا الرباني؟؟؟

إنه الدين الذي ارتضاه لنا الله ، واختارنا وشرفنا لحمل رايته.

فهل نحمل راية الآسلام بجد؟…

وعلينا جميعا أن نحمل دعوته الى البشرية جميعا لأخراجهم من ظلمات عبادة الحضارة والطواغيت والبقر  الى عبادة الله وحده حتى ترتقي البشرية ، وتعود إلى انسانيتها التي فطرها الله عليها ، وحتى نسعد في الدنيا والآخرة .

روبرت كرين يدرس الإسلام بكلية الدعوة

وترسيخا للعلم  بأحكام الدين الإسلامي وشريعته ، التحق د.روبرت كرين ” فاروق عبد الحق”  بكلية الدعوة في دمشق لدراسة الإسلام، لتوصيل الإسلام إلى الشعب الأميركي.

الإسلام هو الحل لمشاكل حضارة الغرب

بعد دراسة روبرت كرين  للإسلام وتعاليم القرآن تبين له أن المشاكل التي تعتري الحضارة الغربية لا يوجد لها  حل سوى في الإسلام ، فقال: إن العلاج الوحيد لمشاكل الحضارة الغربية المحتضرة يمكن أن ينبثق فقط من قادة الإسلام الروحيين لأنهم الوحيدون الذين يستطيعون أن يجمعوا بين حكمة النبي صلى الله عليه وسلم والتراث الفكري لعلماء الشريعة الكبار في صح

أن الإسلام هو الحل الوحيد للعديد من المشاكل والأزمات التي تواجهها البشرية، حيث يحمل هذا الدين الحنيف العدالة في مقاصد الشريعة وفي الكليات والجزئيات والضروريات   .

ويواصل د. كرين قائلاً :

إنّ السبب القوي الذي يجعل من الأميركيين مسلمين وخاصة أولئك الذين من أصل إفريقي هو تأكيد الإسلام على الحق والعدل والعمل  .

 ((وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ((115)) سورة الأنعام.

توجيه  كرين اللوم للمسلمين في الغرب

بعد أن تأكد د.روبرت كرين من عدالة الإسلام بين جميع أبناء البشر، دون الإنحياز  لطائفة أو عرق أو لون ، وأنه الوحي الإلهي الصحيح ، توجه إلى الغرب منتقداً نظرتهم المنحازة ضد الإسلام ووصمه بالإرهاب .

كما وجه أيضاً اللوم إلى بعض المسلمين في الغرب ممَّن لا يطبقون التعاليم الإسلامية ، قائلاً:

(( من الصعب  أن يفهًم الغربيون حقيقة الإسلام بسبب الكثيرين من المسلمين الذين يعيشون في الغرب ولا يمارسون تعاليم الإسلام ، ولا يعيشون حسب تعاليمه )).

وهذه حقيقة ترجع الى عدم فهم  كثير من المسلمين الذين  هاجروا من  بلادهم إلى أوربا  وأمريكا للعمل أو الدراسة دون أن يكون لهم إلمام  بتعاليم الإسلام ، بل ربما كان بعضهم لايؤدي شعائر الإسلام أصلا ، فانبهروا  بحضارة  الغرب المادية ، وانغمسوا فيها دون تمييز بين الخطأ والصواب ، وبين المحاسن والمساوئ ، وأصبحوا عبئاً على الإسلام والمسلمين بتصرفاتهم المنافية  للإسلام  ، بل بعضهم نسي أنه مسلم أصلا، وأصبح أبناؤهم يمارسون عادات وأنماط الحياة الغربية المادية بكل مافيها دون تمييز، ويخجلون من إنتمائهم الى الإسلام.

في الوقت نفسه ،  ينظر الغربيون الى هؤلاء على أنهم يمثلون  الإسلام ، وبهذا يكون الإسلام لايختلف عن المسيحية ، فيتخذون منه نفس مواقفهم مع المسيحية و الكنيسة . وهذا هو سبب صد كثيرين عن دين الإسلام.

حاجة الغرب إلى صنَّاع فكر إسلامي

ومن هنا كانت هناك الحاجة إلى صنَّاع فكر إسلامي ،  يشرحوا  للأمريكيين والأوربيين  حقيقة الإسلام الروحية والعملية ، وكيف يجب على أمريكا أن تدير سياستها الخارجيّة ، وأن يبيّنوا أنّ العدل هو الطريق الطويل الذي يجب أن تسلكه أمريكا.

د.روبرت كرين : الاسلام هو الحل

يقول د.روبرت كرين منتقداً الدور السلبي للإعلام الأمريكي وعدوانه على  الإسلام في أمريكا  : “لو قرأ الناس الصحف في أمريـكا ، فإنهم بلا شــك سـينتابهم الخوف من الإسلام”.

ويؤكد أن : “الإسلام هو الحل الوحيد ، فهو الذي يحمل العدالة في مقاصد الشريعة وفي الكليات والجزيئات والضروريات”.

مؤسسو أميركا الأوائل كانوا حنفاء وليسوا لاهوتين

توماس جيفرسون

يقول د.روبرت كرين “فاروق عبدالحق”:

أميركا عندما أُسست كانت تنادي بنشر العدل لكل الناس، وكل أولئك الذين ساهموا بتأسيس اميركا كانوا حنفاء متدينين، ولم يكن معظمهم مسيحيين بالمعنى الحالي لانهم لم يستطيعوا ان يتقبلوا المسيحية اللاهوتية، ولكنهم كانوا أناساً عميقي الايمان، وأذكر كلمة توماس جيفرسون الذي وضع القانون الاميركي، وهو لم يستعمل قط كلمة ديمقراطية وانما كان يستعمل كلمة جمهورية، وقد قال: الجمهورية لن تبقى على قيد الحياة الا اذا كان الشعب مثقفاً، والهدف من الثقافة هو الأخلاق والسلوك، والاخلاق لاتأتي الا من مصدر عال من الاخلاق والفضيلة”.

الحكم في أمريكا أصبح علماني بسبب المسيحية

والمشكلة انه في منتصف القرن التاسع عشر أصبح هيكل الحكم علمانياً، واحد الاسباب هو ان المسيحية لاتملك رداً على مشاكل الشر التي أتت من الثورة الصناعية،وهو الشر نفسه والأمور السيئة نفسها التي انتجت  الشيوعية.

المثل العليا وجدتها في الاسلام وليست في اميركا

هذا التراث الاميركي الذي ضاع.. هذه المثل العليا لم تعد موجودة في اميركا، ولكنني وجدتها في الاسلام، لذلك أرى ان الطريق الى انعاش التراث الاميركي سيكون عن طريق الاسلام، وهذا ماأقوم بالعمل عليه منذ اسلامي قبل 19 سنة .

مطلوب مصانع فكر إسلامي

نحن بحاجة الى مصانع فكر اسلامي لكي تشرح للأمريكيين كيف يجب على اميركا ان تدير سياستها الخارجية، وان تبين أن العدل هو الطريق الطويلة التي يجب أن تسلكها اميركا.

السياسة الاميركية الآن تريد ان تبقي الامور كما هي، حتى ولو كان العالم مظلوماً.

فما علينا الا ان نسعى الى الطريق الذي يؤمن العدالة، ويؤمن الاستقرار لهذا العالم، لكن مفهوم العدالة يجب ان يشرح ويقدم بشكل صحيح الى الاميركان، بمعنى آخر مصانع الفكرالاسلامي هي التي يجب ان تصون الفرد والتراث الاميركي، ويجب على هؤلاء أن يعملوا أيضاً مع صناع الافكار الآخرين الموجودين في اميركا، فهناك مصنع للأفكار للذين يريدون ان يفعلوا الشيء نفسه، ولكنهم يحتاجون الى فكر اسلامي لكي يؤمن لهم النجاح، أي يجب على المسلم الاميركي أن يفكر كأميركي قبل كل شيء، وقد عملت بصفتي مديراً للمجلس الاسلامي، ورئيساً للمحامين الاسلاميين في اميركا، عملت مع قادة الكونغرس، وقد تحدثت مع لي هاملتون، وهو أحد الشخصيات التي تصوغ السياسة الاميركية وسألته: هل يمكن لاصحاب الفكر الاسلامي في اميركا ان يحدثوا أي ثأثير على السياسة الاميركية ؟ وكان سعيداً عندما سمع هذا الكلام، وقال انه كان يحضر اجتماعات حول تأثير الاسلام والمفكرين الاسلاميين، وهذه الاجتماعات كانت تعقد في الكونغرس، او في الدوائر الاميركية الاخرى، ولم يقابل مسلماً خلال كل هذه الاجتماعات، وأضاف اذا كان هناك من المسلمين من لديهم المعرفة بالسياسة الاميركية يتمنى ان يراهم ويناقشهم وهو يرحب بهم.

وبالتالي لابد ان تتضافر الجهود من اجل العمل مع الجهات الاخرى، ونحن لانزال بانتظار هذه الفئة من اصحاب الفكر الرفيع المستوى .

شاهد من أهلها: نظرة الغرب للمسلمين استعمارية

يقول د.روبرت كرين “فاروق عبدالحق :

نظرة الغرب لنا  نحن المسلمين في أميركا أو في أوروبا هو نفس نظرة  الغرب بالنسبة للمسلمين في العالم العربي والاسلامي… فهو استعمار على جميع الحالات..

فكر الأمريكيين الأوائل كان إسلاميا

ويستطرد قائلا : لكن فيما يتعلق بأميركا هناك بعض الإختلاف عن أوروبا، فلا بد ان ننظر الى الغرب من منظور الأباء الأوائل الذي أسسوا اميركا، فقد نظروا إليها على انها تجربة كبيرة لتطوير مجتمع قائم على الحقائق السامية، وعلى خطوط ارشادية.. اخلاقية تأتي منها وكانوا يعارضون أي نظرة طائفية ضيقة للدين.

النظرة الطائفية تحطم هوية الدين

نعم .. كما يقول د.روبرت كرين :  قد تملك النظرة الطائفية قوة سياسية وبالتالي ستحطم هوية الدين، فهم لم يكونوا يريدون إزالة الدين ، إنما العكس : كانوا يريدون حرية الدين بمعنى أن تأخذ كل مناحى الحياة العامة هديها من الوحي او من القانون الطبيعي الذي هو دراستنا للكون، وهذا مصدر غنى لانه القانون الكوني الذي هو مصدر الحقيقة.

“كثيرون ممن أسسوا أميركا كانوا في تفكيرهم إسلاميين ، انهم كانوا هم الحنفاء ولا نستطيع القول بأنهم كانوا مسيحيين معترف بهم)).

فالأصوليون المسيحيون يطلقون على هؤلاء الذين أسسوا اميركا بأنهم ملحدون. ولكنهم في الحقيقة كانوا أعمق اشخاص شاهدهم التاريخ الأميركي. وهكذا يجب ان ننظر الى الغرب وأمريكا على أنها فرصة كبيرة لاتمام الثورة التي بدأ بها هؤلاء الاوائل، وهي ثورة ذات محتوى إسلامي من وجهة نظر علمية. لذلك اقول : إن أفضل المسلمين هم أفضل الأميركيين ، وأن أفضل الأميركيين هم الأشخاص الذين يفكرون تفكيراً اسلامياً ”   .

الاستشراق  شوه الإسلام والمسلمين 

وفي سؤال للدكتور د.روبرت كرين “فاروق عبدالحق عن دور الإستشراق في النشر عن الإسلام ، أجاب :   لاريب أن الإستشراق قد لعب دوراً كبيراً في رسم الصورة المشوهة عن الإسلام والمسلمين. وفي رأينا ان ما نحتاجه هو عملية (الارتباط السلمي) وهذا المفهوم كان شائعاً في السياسة الاميركية قبل ثلاثين او أربعين عاماً.

وعندما نتحدث عن الإستشراق لابد أن نذكر الجهد الذي قدمه الدكتور (أدوارد سعيد) في كتابه (الإستشراق) ، فقد أعطى هذا الموضوع حقه بشكل علمي وموضوعي ولا أُخفي إتفاقي الكامل على كل ماجاء في هذا الكتاب القيم .

فالاستشراق هو دراسة ثقافة ودين الشرق. وقد تركزت هذه الدراسات على الدين الإسلامي بشكل خاص، ولا بد من القول بأن الاستشراق هو نظرة غربية إلى إلاسلام والمسلمين.

وقد حاول المستشرقون جاهدين إظهار كل مافي الشرق من مساوئ مقابل إبراز كل حسنات الغرب وتصويرها بشكل مثالي جميل .

وإذا اخذنا القانون على سيبل المثال ، فإن المستشرقين يرون أن الشرع في الشرق سيئ جداً لأنه يتسم بالنفاق، إذ يربط الأمور بقضايا مثالية سماوية. ولكنه على صعيد التطبيق سيء ومخالف لكل ماهو سماوي ومثالي، ولذلك فهم يرون أنه غير صالح. أما القانون في الغرب حسب وجهة نظرهم، فهو النموذج الجيد والذي يصلح لأن يكون مثلاً يحتذى به ، هذا رأيهم.

ولكن هذه النظرة مجافية للواقع فهي نظرة تحاملية وغير موضوعية أو علمية لأن القانون في الغرب لايأخذ صفة القانون إلا إذا تم تطبيقه ، لأن سلطته تكمن في التطبيق، وإذا لم يُطبق فهو ليس بقانون.. بينما هدف الشريعة الإسلامية هو النهوض بالفرد والسمو به لكي يطبق كل التعاليم المطلوبة منه على المستوى الروحي وعلى المستوى التربوي و هدف الشريعة هو التثقيف والتعليم والتربية وبالتالي لايمكن القول بأن الشريعة الأسلامية أفضل من المسلمين لأنها شيء آخر هدفها النهوض بالمسلمين، فلا يجوز ان نقرنها بالمسلمين  .

الإستشراق إستعلاء وتشويه للشريعة الإسلامية

ويرى دكتور د.روبرت كرين “فاروق عبدالحق” : لا يمكن القول بأن الدراسات او الكتابات الإستشراقية قد خضعت لمنهج علمي محدد، بل هي مجرد رؤية غربية للشرق، فيها استعلاء وتحامل على الشريعة الاسلامية وعلى الاسلام ويمكننا تقسيم هذه الدراسات الى ثلاثة اقسام :

اولا:   الدراسات العلمية والموضوعية هي التي قدمها العلماء الألمان. وهذا شيء يجب ذكره والإعتراف به فقد قدم المستشرقون الألمان دراسات  أنصفوا فيها الإسلام والمسلمين وكانوا أول من قام بدراسات روحية أو بترجمة هذا النوع من الدراسات.

ثانياً: الدراسات الاستشراقية التي كُتبت بدافع السياسة الخارجية:

بمعنى تلك الأبحاث التي جاءت بتحريض او بتكليف من وزارة الخارجية البريطانية او من دوائر المخابرات الغربية التي كانت تُشرف وتمول دراسات ميدانية عن الإسلام والمسلمين من إجل إضعاف مصداقية الاسلام.

ثالثاً: الدراسات التي قام بها المبشرون المسيحيون والتي أرادوا فيها أن يهاجموا الإسلام بأي طريقة كانت .

وهكذا رأينا وما زلنا نرى الكثير من الكتابات الإستشراقية التي تحاول أن تضفي على نفسها الصبغة العلمية والموضوعية في حين أنها بعيدة كل البعد عن العلمية والموضوعية.

وقد قدم د. (أدوارد سعيد) العديد من الامثلة الجديدة.. حيث حصل بعض التطور في الدراسات الاستشراقية بفضل حركات التحرر العربية والاسلامية، ولكن هذا التطور اتخذ منحى آخر  فلم تعد الدراسات تؤكد على الدين الاسلامي بحد ذاته، إنما أخذت تهتم بالحركات السياسية الإسلامية ، سواء تلك الحركات التي تستقي من الإسلام فعلاً مبادئها وخلفياتها، او تلك التنظيمات التي تتخذ من الاسلام لافتة ظاهرية لا أكثر.

وانصبت الدراسات الاستشراقية في محاولة تحليل هذه الحركات تحت إسم لافتة (التهديد الإسلامي).. وفي رأيي انها لافتة إبتدعها الغرب نفسه.

سؤال : هل ندعو لعملية (استغراب) مقابل عملية الاستشراق ؟

وكيف يستعيد المسلمون تراثهم الإسلامي؟

وهل ندعو للإستغراب مقابل الإستشراق،وأسلمة المعرفة؟

يجيب د.روبرت كرين “فاروق عبدالحق” : بالطبع يجب أن نركز على مسألة (أسلمة المعرفة) أو مايدعوه البعض بعملية الإستغراب مقابل عملية الإستشراق، وهناك دعوة وعمل جاد في هذا الإتجاه منذ خمسة عشر عاماً تقريباً من قبل المؤسسة الدولية للفكر الإسلامي، الموجودة في ولاية فرجينيا، وقد صدر عن هذه المؤسسة العديد من الدراسات والأبحاث التي تسعى لفهم وشرح ديناميكية الحضارة الغربية، كي يستطيع المسلمون أن يأخذوا أفضل مافي الغرب دون الذهاب إلى العلمانية التي ينادي بها الغرب والمغتربون .

والسؤال الذي يطرح نفسه: إلى أي مدى نجح هذا ؟ وللأسف ٌأقول أن بعض المنشورات والدراسات والمؤتمرا ت التي إطلعت عليها أو تابعتها تبدو وكأنها تُحدث علمانية في الفكر الإسلامي أاكثر من أسلمة العلوم الغربية، فهم يقبلون الأنظمة الأكاديمية الغربية على أساس أنها الأنماط الأساسية للفكر، ومن المعروف أن هذه الأنماط قد تطورت خلال الخمسين سنة الماضية بإتجاه مسح كل تفكير ديني عن الحياة الفكرية، وبالتالي عندما نقبل هذه الانظمة الفكرية الغربية فإننا نقحم الإسلام في مثل هذه الأنماط أو الأنظمة، وهكذا نكون بقصد أو بغير قصد قد أدخلنا العلمانية في الإسلام، ويصبح من الصعب على المسلمين أكثر فأكثر أن يستعيدوا تراثهم الإسلامي كموجه للسياسة الخارجية.

صراع الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية

توجد مقولات مفادها أن الصراع بين الدول ربما قد إنتهى في غالبيته ، وإنما سيكون الصراع بين الحضارات خاصة بين الحضارة الغربية (أميركا.. وأوروبا..) من جانب ،  والحضارة الاسلامية من جانب آخر،  أي الصراع بين الغرب والاسلام بشكل اساسي. على غرار ماكان ايام الحرب الباردة بين الغرب والشيوعية.

ونغمة الإرهاب الإسلامي هي السائدة الآن  في الغرب ، وأن الإسلام هو مصدر التهديد .

وهذا بالطبع دعاء باطل وتزييف للحقائق. وفي اعتقادي بأن كل هذا سيزول ويتلاشى اذا ماركز المسلمون هناك والمشرفون على المراكز الاسلامية في الغرب على القيم المشتركة والاصل المشترك للديانات الابراهيمية الثلاث. فيجب ان تركز على التعاليم الصافية والاصلية لهذه الديانات كي ننشطها ونبعثها لتستعيد الادراك الروحي والالتزام  الاخلاقي الذي تدعو اليه كل الديانات.

ألا يخجل علمانيو العرب من إسلام حكماء الغرب

في الوقت الذي يُشهر فيها علماء وحكماء الغرب إسلامهم في أمريكا وأوربا ، ويؤكدون على أن الإسلام هو الحل الوحيد لمشاكل الحضارة الغربية ، نرى الحملة البغيضة المتجددة ممن يُطلقون على أنفسهم النُخْبة في عالمنا العربي الذين يشككون في ثوابت  الدين  الإسلامي والهجوم على السنة النبوية و التراث والتاريخ الإسلامي  ، والطعن في  الصحابة و مفسري القرآن والمحدثين وأئمة المسلمين ، والنيل من الأزهر الشريف وعلماءه المخلصين لدينهم . والحقيقة أن هؤلاء ليسوا سوى أذناب المستشرقين وأعداء الإسلام. إنهم يهدمون أقوى ما تملكه الأمة في مواجهة أعداءها وهي العقيدة الأسلامية المصدر الرئيسي لثبات الأمة ضد أعدائها ، فإذا كان أعداء الأمة يملكون القوة العسكرية ويتفوقون علينا ، فإننا نملك سلاحاً يخشاه الأعداء ويعملون له ألف حساب ، وهي العقيدة التي يستشهد المسلم طواعية وراغبا فيما عند الله في سبيل دينه ، وقد كان هذا السلاح سببا في هزيمة المغول والتتار والصليبيين ، وكان سببا رئيسيا في حرب اكتوبر المجيدة في شهر رمضان وصيحة الله أكبر التي حطمت عقيدة الجيش اليهودي التي كانت تبث انه الجيش الذي لا يُقهر ، وتم قهره بصيحة الله أكبر والجنود الصائمين في شهر رمضان وتدمير أقوى خط تحصين في الحصر الحديث .

وهؤلاء ليسوا سوى غثاء ، يستدرجهم الله ، ويكشف حقيقة أمرهم ويتساقطون الى مزابل التاريخ .. ولن يتحقق نصر للأمة إلا بعد تصفية أمثالهم، حتى تتوحد الصفوف في مواجهة أعداء الأمة لتحرير مقدساتها وشعوبها واستقلالها .

((وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30))) سورة الأنفال

((يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون)) (32)) سورة التوبة

))إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ(36)))سورة الأنفال.

د.محمد النجار

الثلاثاء 22فبراير2022م

الموافق 21رجب1443هـ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.