لماذا إنحاز ضمير العالم لمدينة القدس
بقلم : امل سعد عبد اللطيف
لقد عاد الينا بعض الامل من جديد بعد الانتصار للحق والعدل يوم امس حين اعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 128 صوتا بالموافقة على قرار طالب الجميع بعدم تغيير طابع مدينة القدس الشريف أو تركيبتها الجغرافية، وأكدت الجمعية على أن أي قرار اتخذ مخالفا لذلك فهو لاغ وباطل وليس له أي أثر قانوني ، وقد جاء هذا التصويت ردا على القرار الامريكى بجعل مدينة القدس عاصمة للكيان الاسرائيلى ونقل السفارة الامريكية اليها ، ذلك القرار الذى اشعل العالم اجمع مسلميه ومسيحييه ليقفوا فى وجهه رافضين متجمعين صفا واحدا لمواجهته .،
وكعادة مصر وتطلعها بدورها المعنى دائما بالقضية الفلسطينية فقد قدمت مصر بصفتها عضوا غير دائم بمجلس الامن مشروع قرار لمجلس الامن يقضى بالغاء قرار الرئيس الامريكى دونالد ترامب حول الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ــ على الرغم من الوعيد والتهديد الامريكى لكل من صوت على هذا القرار بقطع المساعدات عنه ــ الا ان ذلك لم يثنى الضمير الدولى من الاعتراض واخذ موقف ايجابى يؤخذ له غير مكترس بحق الفيتو الذى استخدمته امريكا ، حتى انتصر الضمير العالمى يوم الخميس بالجلسة الطارئة معلنا رفضه للقرار الامريكى ومنتصرا للمدينة المقدسة ،،،،
حقا لقد تناست الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل مكانة مدينة القدس لدى العالم وانهم لن يسمحوا بتهويدها ، ونسوا بأنها خطا احمر لدى الجميع وكما انها بوابة السلام فهى ايضا بوابة الحرب لانها مدينة القيامة والاقصى (اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ) وهى ايضا عصية على التزوير والتشويه ولن تستسلم ابدا الى ان يرث الله الارض ومن عليها .،
لقد انحاز الضمير العالمى لمدينة القدس لانها مدينة تحتل مكانة عظيمة في قلوب المسلمين والمسيحيين ، بل واليهود ايضا ـ حسب اعتقادهم ـ فقد تحدث التاريخ عن قرون من التعايش ومن النزاع بينهم حول هذه المدينة ، وهي واحدة من أقدم مدن العالم، وقد تعرضت للغزو والتدمير وإعادة البناء مرات ومرات، فكل طبقة من أرضها تكشف عن قطعة من ذلك التاريخ ، وفيما تتناول أغلب القصص عن المدينة الصراع بين أصحاب الديانات المختلفة عليها فإنهم جميعا يوحدهم تقديس وتبجيل هذه الأرض المقدسة.،
وفي قلب المدينة الذي يضم أزقة ضيقة توجد أربعة أحياء: المسيحي والمسلم واليهودي والأرمني وهي تضم بعضا من أقدس الأماكن في العالم.،
فالحي الإسلامي هو أكبر الأحياء الأربعة ويضم قبة الصخرة والمسجد الأقصى في منطقة يعرفها المسلمون باسم الحرم القدسي الشريف.،
ويعد المسجد الأقصى هو ثالث اكثر الأماكن قدسية في الإسلام ويديره الوقف الاسلامي. وفي الإسلام أسرى الله بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة حيث المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في القدس، ثم عرج الله به من موقع قبة الصخرة إلى السماوات العلا .،
ومنذ القدم والمسلمون يزورن هذا الموقع المقدس ويصلون فى رحابه لما ورد عن أبي الدَّرداء عن حديث للنبى صلى الله عليه وسلم يقول فيه : ((الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة, والصلاة بمسجدي بألف صلاة, والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة)) وهذا يؤصل مسئولية المسلمين عنه حمايتة ورعايتة وصيانتة، وأنه لا يجوز لهم شرعًا التفريط فيه، أو التَّهاون في حمايته.،
اما في داخل الحي المسيحي فتوجد كنيسة القيامة التي تتمتع بأهمية خاصة لدى المسيحيين في كل أنحاء العالم، فهي تقع في المكان الذي شهد موت السيد المسيح وصلبه وبعثه وفقا للديانة المسيحية .،
ويدير هذه الكنيسة ممثلون عن مختلف الكنائس فهناك بطريركية اليونان الأرثوذكس، والفرانسيسكان من كنيسة الرومان الكاثوليك والبطريركية الأرمنية، فضلا عن الأقباط، والأثيوبيين، والكنيسة السريانية الأرثوذكسية. وهي من مقاصد الحج الرئيسية للملايين من المسيحيين في أنحاء العالم من خلال الصلاة في هذا الموقع المبارك .،
وهذا عزيزى القارئ هو ما تمثله القدس لدى اصحاب الديانات الثلاثة.،
ولكن يبقى التساؤل الاهم : هل لاصحاب الديانة اليهودية ان يفرضوا سيطرتهم على هذه المدينة المقدسة متجاهلين بذلك اصحاب الديانات الاخرى المسيحية والاسلامية ؟؟؟؟ وهل للكيان المحتل ان يعلن القدس عاصمة لدولته الحديثة (اسرائيل) والتى ليس لها وجود الا فى العصر الحديث ، متجاهلين بذلك اصحاب الارض الحقيقين التى اغتصبوها منهم عنوة ؟؟؟؟ وهل لسلطات الاحتلال الاسرائيلى ان تقتحم المسجد الاقصى من حين الى اخر وتدنسه باقدام جنودها ؟؟؟؟؟ وهل لهم ان يمنعوا المصلين من الدخول الى المسجد الاقصى المبارك لاداء صلواتهم بكل سكينة وامان ؟؟؟ وهل لهم ان يقتلوا ويعتقلوا الاطفال والرجال ويعتدوا على الشيوخ ويرملوا النساء ؟؟؟؟
لقد ارادت معظم دول العالم التى صوتت برفض القرار الامريكى ان تقول للكيان الاسرائيلى والمزعوم من امريكا كفاكم غطرسة وسلبا للحقوق ، وقد حان وقت عودة الحقوق لاصحابها . ،
ولعل تلك الصحوة وهذا الاجماع الدولى لعودة الحقوق ان يكون بداية لاصلاح جميع الامور الغير سوية حول العالم فيعود لسوريا استقرارها واهلها ويعود اهل بورما الى وطنهم ويستقر العالم من حولنا فى جميع المناطق المغتصبة والمحتلة .،
ندعو الله تعالى ان يجعل نهاية عام 2017 وبداية عام 2018 عام اعادة الحقوق المسلوبة وعام الامن والسلام والاستقرار فى ربوع العالم كافة ، انه ولى ذلك وهو القادر على تنفيذه بمشيئة الله وقدرته ..