اللهمّ إنْ كُنْتَ حَرَمْتني من هذا الخير فلا تحْرم منه ابني
المدينة المنورة: الدكتور محمد النجار
كانت قريش(( قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم)) تحتفل في مكة بأحد اعيادها ، فرأى زيد بن عمرو بن نفيل الرِّجال والنساء والولدان في ابهى زينتهم وهم ويذبحون الذبائح بين ايدي الاوثان، ووقف ((زيد)) مُسْنداً ظهره إلى جدار الكعبة وقال: يا معشر قريش، الشاة خلقها الله عز وجل ، وهو الذي أنزل لها المطر من السماء فَرَوِيَت، وأنبت لها العشب من الأرض فشبعت، ثم تذبحونها لغير الله، إني أراكم قوما تجهلون .
هذه كانت فطرة ((زيد)) السليمة قبل الاسلام.
ماذا حدث (( لزيد)) بعد هذه الكلمات البريئة في البيت الحرام؟؟
قام عمه (( الخطَّاب والد عمر بن الخطَّاب)),ولطمه على وجهه, وقال: تبًّا لك ما زلنا نسمع منك هذا البذاء, وهذا الكلام السخيف، ونحتمله حتَّى نفد صبرنا !!
لم ييأس (( زيد )) الذي كان يعبد الله بفطرته السليمة ،فاِجْتَمَعَ في غَفْلةٍ من قُرَيْش إلى كلٍّ من ورقة بن نَوْفَل ، وعبد الله بن جَحْش، وعُثمان بن الحارث، وأُمَيْمَة بنت عبد المُطَّلِب عمَّة النبي صلى الله عليه وسلّم( قبل البعثة)، فقال زيْدٌ لأَصْحابه: إنكم واللهِ، تعْلمون أنَّ قوْمكم ليسوا على شيءٍ, وأنهم أخْطؤوا دينَ إبراهيم وخالفوه ، فابْتغوا لِأنفسكم ديناً تَدينون به إن كنتم تُريدون النجاة، فَهَبَّ الرِّجال الأربعة إلى أحْبار اليهود والنصارى وغيرهم من أصْحاب المِلَل، يَلْتَمِسون عندهم الحَنِيفِيَّة دين إبراهيم..
خرج ((زيد)) الى بلاد الشام يبحث عن دين ابراهيم ، ويقول: فَذُكِرَ لي راهِبٌ له علْمٌ من الكِتاب، فأَتَيْتُه وقَصَصْتُ عليه أمْري، فقال: أراك تُريدُ دين إبراهيم يا أخا مكَّة، قُلْتُ: نعم، وذلك ما أبْغي، فقال: إنَّك تطْلب ديناً لا وجود له اليوم، ولكِنَّ الحق بِبَلَدِك، فإنَّ الله يبْعَثُ مِن قَوْمِك مَن يُجَدِّدُ دين إبْراهيم، فإنْ أدْرَكْتَهُ فالْتَزِمْهُ….
بدأ ((زيد) طريق عودته إلى مكَّة بِخُطى حثيثَة اِلْتِماساً للقاء النبيّ المَوْعود، ولما كان في طريقه بعث الله نبِيَّهُ محمَّداً بالهُدى ودين الحق ولكنَّ زيْداً لم يُدْرِكْهُ، إذْ خَرَجَتْ عليه جماعَةٌ من الأعراب فَقَتَلَتْهُ, فالعَرَب في ِالجاهِلِيَّة كانوا قُطاعاً للطرق.
زيد يلفظ انفاسه الاخيرة دون ان تكتحل عيناه برؤية الحبيب :
قبل أن يبلغ زيد مكَّة، وقبل أنْ تكْتَحِل عيْناه بِرُؤية النبي عليه الصلاة والسلام، وفيما كان يلْفِظ أنْفاسه الأخيرة …. رفع بصره إلى السماء, وقال :
(( اللهمّ إنْ كُنْتَ حَرَمْتني من هذا الخير، فلا تحْرم منه ابني سعيداً ))
أتدرون ماذا فعل الله بابنه سعيد ؟؟
اخترقت دعوة سعيد الحارة الصادقة عباب السماء ..واسْتجاب الله لِزَيْدٍ دَعْوَته الحارَّة، وأسلم ابنه سعيد ، وكان من السابقين في الاسلام .. بل الاكثر من ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة … فهو احد العشرة المبشرين بالجنة .. انه الصحابي الجليل (( سعيد بن زيد )) رضي الله عنه وعن الصحابة والتابعين وكافة المؤمنين وندعو الله ان يحشرنا معهم .
التاريخ 11 يناير 2016