مدينة الموتي يا “درنة “
بقلم / ممدوح الشنهوري *
كانت ك العروس مٌتلئلئه بجمالها الفتان في عيون الناظرين، بوديانها وتلالها الخضراء، وبحرها الصافي الأزرق، وحدائق منازلها الغناء، وطرقاتها الواسعة النظيفة، يسحرك جمالها صباحاً حين تتنفس عبير عطرها الأخضر والمزهر من بين وداينها، وكإنها قطعة من جنة الله علي الأرض .
تغني بجمالها الشعراء، وكتب من أجلها الأدباء، عن جمال ربوعها تاره، وعن عطرها الأخاذ تاره، وعن جمال مساءها تاره، وعن كرم أهلها تاره، حتي ذابت أقلامهم.
آه .. يا درنة آه يا وطن .. عز عليَّ ما ألم به، وكأنه وطني .. الذي لم أسكنه .. ولكن سمعت عنه !!.
ما زال الكثير من الناس حول العالم ممن شاهدوا إعصار دانيال، وما فعله بمدينة درنة الليبية من خراب ودمار في ليلة الحادي عشر من شهر سبتمبر الحالي، لم يصدق ما أصبحت عليه تلك المدينة الساحرة الأن، ك مدينة منكوبة نصفها أمست ملامحه نهائيا، ونصفه الأخر صار ك مدن الموتي القديمة الغارقة، والقابعة تحت البحار والمحيطات بسبب الطوفان في الماضي في العديد من دول العالم ، ك مدينة ” تونيس هيراكليون وقصر كليو باترا بمدينة الإسكندرية في مصر ، و ستونهنج في بحيرة ميشيغان ، و حديقة النحت تحت الماء في مولينير ، وواركا في الهند ، و بورت رويال في جامايكا ، و نصب يوناجوني في اليابان ، و شي تشنغ في الصين .
حيث تعتبر كارثة مدينة درنة الليبية، هي من أشد أنواع الكوارث الطبيعة علي دول الشرق الأوسط في الأونة الأخيرة، بعد زلازل تركيا في فبراير الماضي ،بما خلفته من عدد للضحايا بالألأف ما بين تحت ركام أنقاض المدينة، وفي قاع البحر. ودمرت المدينة بكاملها تدمير تام .
ولكن ستظل المأساه الكبري لهذه المدينة المنكوبة، هو أن ” رائحة الموت ” بها والتي ستظل فيها الي ما لا نهايه من الزمن، لتسجل في ذاكرة التاريخ ك مدينة للموتي.
سيجد كل من يحفر بأرضها أو يغوص في بحرها ، بقايا من رٌفات ومنازل سكانها والتي ستذكرهم بتاريخ مدينتهم المميت مهما تعاقبت الأجيال.
وكم هو قاسي علي النفس البشرية، هو أن تسكن في مدينة ” للموتي ” تطاردك أرواحها كل مساء، لتحدثك عن تاريخ الظلم بها، بسبب الإهمال والتناحر العِرقي والقبائلي والسياسي وكأنها خٌلقت لتكون شاهدة علي تاريخ الظلم الإنساني في ليبيا .
*عضو المنظمة المصرية والدولية لحقوق الإنسان