أراء وقراءات

مسؤول بدرجة لمبي

بقلم / الفنان أمير وهيب 

في سنوات الدراسة ، كانت الأسرة والاساتذة لا ينظرون ابدا الي مواد التفوق و كانت تنظر دائما الي مواد الإخفاق و الرسوب و السقوط.

بمعنى لو كان حاصل على أعلى الدرجات في معظم المواد و ساقط في مادة واحدة كانت تكفي للنقد و التوبيخ تصل أحيانا الي حد الاهانة.

هل هذا معناه أنهم متربصين به ؟ و لا ينظرون إلي إنجازاته ؟؟

بالطبع لا ، و لكن حل المشكلة دائما مقدم على التكريم.

حل المشكلة له الأولوية.

و هذا الكلام ينطبق على الفرد و المؤسسة و الدولة.

مصر لديها قائمة من مواد الرسوب ، قائمة من المشاكل ، لذلك الحديث عن الإنجازات هو مجاملة تصل الي حد التزلف و التملق و النفاق لا داعي لهم .

والمشكلة تتفاقم ، و أصبح تكرار الكتابة والحديث مع مسؤولين ، في بعض الأمور ، يشبه الي حد التطابق حوار ” صلاح ” ( علاء ولي الدين ) ” و ” اللمبي ” ( محمد سعد ) في فرح اللمبي في فيلم الناظر.

اللمبي قال ل صلاح أبوك ماجاش معاك ليه ، قال له بابا تعيش انت ، بعدها بدقيقة قال له ، أبوك ماجاش معاك ليه ، قال له بابا مات.

بعدها بدقيقة اللمبي مسك الميكروفون و قال إن ابو صلاح مارضيش يجيي الفرح ، فقام صلاح ب التلويح بشهادة وفاة أبوه ، ك دليل و إثبات و برهان ، و مع ذلك اللمبي لا يستجيب.

كل الكلام ، بكل أنواعه و درجاته ، كان مدحا أو ذما ، ملاحظة أو لفت انتباه ، شكوى أو طلب استغاثة ، سوف تجد أن الطرف الآخر ، لا يسمع و لا يستجيب ، هو في حقيقة الأمر ” لمبي ” ، عقله مربوط على تفكيره ، مبرج ، شبه معزول ذهنيا ، لا يسمع و لا يفهم ، حتى بالاثبات المادي.

* قائمة من هو لمبي طويلة ، و منهم :

– الرقابة على المصنفات الفنية ، في حوار محمد عبد الوهاب مع سعد الدين وهبة ، في برنامج النهر الخالد ، سأله عن الآلة الموسيقية المفضلة ، رد عبد الوهاب ” العود ” ، احتضنه كما لو كنت بحضن واحدة ست حلوة.

فقامت الرقابة ب ” كتم ” الصوت عند كلمة ” ست ” ، نعم ، الرقابة ارتأت أن كلمة ست لا يصح أو أنه عيب وحرام سمعها في سياق كلام محمد عبد الوهاب ، فخر تاريخ الموسيقى المصرية.

– الرقابة على الأسواق و السلع ليس لها وجود ، لأن اللمبي ، المسؤل ، ليس لديه قدرة على مواجهة التجار.

– السياحة ، بديهيا ، لو منتظر ضيف ، ب ” يستعد ” لاستقباله.

– الاقتصاد ، مضمونه ” ريع ” ، على غرار اقتصاد أرباب المعاشات ، قيمة العملة المحلية لا تدخل في نطاق الاهتمام.

– الاعلام ، الأول ” الاعلان ” و فلوس الاعلان ، ثم بعد ذلك الأولوية للصدفة.

* حتى لو معك دليل و إثبات و برهان على صحة كلامك ، سوف تصطدم ب ” اللمبي “.

* حتى لو كلامك مع شخص يبدو من مظهره أنه متعلم ، إلا أنه في النهاية سوف يستمر فيما هو مبرج عليه ، ما تقوله له رد يختلف عن سياق الحوار ، له رد محفوظ في عقل المسؤول.

* و اي محاولة ، حتى لو كنت مضطر الي استخدام أسلوب شديد اللهجة ، ف اللمبي لا يهتم ، اللمبي لا يسمع.

التمنيات التي تطلبها من “اللمبي”

* هل تتمنى عدالة في عرض الفنون و مشاهدة معرض عن الفن التشكيلي في قناة تليفزيونية ؟؟ انت بتطلب من اللمبي.

* هل تتمنى انك تتعامل بالعملة المحلية بالقرش و المليم ؟ انت بتطلب من اللمبي.

* هل تتمنى أن ترى اختراع و ابداع و انتاج مصري اصلي ، انت بتطلب من اللمبي.

كارثة عقلية اللمبي

* وجود مسؤولين على درجة ” لمبي ” هي مشكلة خطيرة ، لأن حتى بعد استبداله ، بعد فترة ، بيتضح أنه لمبي اخر.

* إنما الجديد ، أنه وصلت المشكلة الي نسبة من المثقفين ، ستتكلم في موضوع ، سيرد عليك بكلام مغاير ، ستواجهه ب مستندات إثبات ، هتتأكد انه لمبي.

* هل ممكن اللمبي يحل مشكلة ؟؟

* وجود اللمبي في حد ذاته مشكلة ، لأن اللمبي إذا حاول يحل مشكلة سيتسبب في مشاكل عديدة.

أزمة الإبداع في السينما والدراما المصرية 2

أمير وهيب

فنان تشكيلي وكاتب ومفكر 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى