أراء وقراءات

الزواج في مصر.. هل بات لمن استطاع إليه سبيلا؟!

كتب / ممدوح الشنهوري*

لم يعد حلم الزواج وتكوين أسرة في مصر اليوم كما كان في السابق، بل تحوّل إلى كابوس يطارد الشباب، وأمنية تبدو بعيدة المنال، في ظل الارتفاع الجنوني لتكاليف الزواج من مهر وذهب وأثاث وتجهيز شقة، في وقت لا تتناسب فيه الأجور الشهرية مع متطلبات الحياة الأساسية، ما يجعل مجرد التفكير في الزواج ترفًا لا يقدر عليه الكثيرون.

مأزق اجتماعي ونفسي

يعيش الشباب المصري حالة من الكبت والإحباط النفسي نتيجة هذا الواقع المؤلم، فهم ما بين الرغبة في الاستقرار وبناء حياة زوجية كريمة، وما بين عجزهم عن الوفاء بتكاليف الزواج الباهظة، وما بين الخوف من الانزلاق نحو الطرق المحرمة بسبب فشلهم في الوصول إلى الحلال.

الزواج العرفي كحل مؤقت

في مواجهة هذا الضغط المجتمعي والنفسي، اتجه بعض الشباب إلى الزواج العرفي كوسيلة للهروب من الأعباء المادية الرسمية، وهو ما يُنذر بخطورة انتشار علاقات غير مستقرة قانونيًا واجتماعيًا، ما يؤدي إلى مشكلات مستقبلية تهدد كيان الأسرة والمجتمع.

الغلو في الطلبات.. مسؤولية من؟

تلعب الأسر – خاصة أولياء الأمور – دورًا كبيرًا في تعقيد مشهد الزواج، من خلال المغالاة في الطلبات والمقارنات الاجتماعية بين الفتيات، في محاولة لمحاكاة ما تم توفيره لعروس أخرى، ولو على حساب ديون تثقل كاهل الأسرة أو حتى تهددهم بالسجن.

غياب التوعية الدينية والاجتماعية

رغم الدور المنوط برجال الدين والدعاة في الدعوة إلى التيسير على الشباب، إلا أن غياب الخطاب الديني المنتظم والمؤثر زاد من تفاقم الأزمة، حيث لا تُطرح حلول عملية أو حملات توعية مجتمعية منظمة تسلط الضوء على أهمية تخفيف تكاليف الزواج والرحمة بالشباب.

الشباب بين الضياع والأمل

بات الكثير من الشباب، خصوصًا من أصحاب الدخول المحدودة، يعيشون في حالة من عدم الاتزان النفسي والاجتماعي، تائهين بين واقع قاسٍ وأحلام مؤجلة، معرضين للانزلاق إلى مسارات غير آمنة، مثل الإدمان أو الانحراف أو الزواج غير الموثق، في ظل غياب الدعم الفعلي من مؤسسات الدولة والمجتمع.

دعوة لحلول عاجلة

إن ما نراه اليوم يتطلب تدخلًا جادًا من الدولة والحكومة المصرية لوضع حلول جذرية، من بينها إطلاق مبادرات لدعم الشباب المقبل على الزواج، وتشجيع ثقافة التيسير، ووضع ضوابط لمواجهة ظاهرة الزواج العرفي، وتكثيف البرامج التوعوية والدينية الهادفة، قبل أن ينزلق الشباب إلى الهاوية دون رجعة.

*كاتب صحفي وعضو المنظمة المصرية والدولية لحقوق الإنسان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى