الجماهير البريطانية تهتف في قلب لندن : الموت للجيش الإسرائيلي

بقلم / الدكتور محمد النجار
في مفارقة تاريخية لافتة، شهدت بريطانيا التي كانت صاحبة الوعد المشؤوم “وعد بلفور” عام 1917، تحولًا غير مسبوق في مزاجها الشعبي تجاه إسرائيل.
ففي سابقة هي الأولى من نوعها، صدحت حناجر آلاف البريطانيين في مهرجان “غلاستونبري” الشهير، يوم السبت 28 يونيو 2025، بهتافات مناوئة للجيش الإسرائيلي، أبرزها:
“الموت الموت للجيش الإسرائيلي”
“حرروا فلسطين”
“من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرّة، إن شاء الله”
المغني “بوب فيلان” يشعل الهتافات المناصرة لغزة
قاد مغني الراب البريطاني “بوب فيلان” ومعه فرقة “نيكاب”، الجمهور البريطاني في وصلة غنائية صادمة لإسرائيل ومؤيديها، ليهتف الآلاف خلفه مطالبين بإسقاط آلة القتل الإسرائيلية ودعمًا لغزة التي تنزف منذ أكتوبر 2023.
وفي لحظة مؤثرة، حملت الجماهير المغني على الأكتاف، في مشهد رمزي يمثل انتصارًا غير مسبوق للرأي العام الغربي في دعم القضية الفلسطينية، ضد الجرائم الصهيونية التي أصبحت مكشوفة أمام العالم.
مشهد غير مسبوق… وBBC تنقل الهتاف مباشرة
ما زاد المشهد صدمةً للمؤسسة الرسمية البريطانية والإسرائيلية، أن قناة BBC قامت بنقل المهرجان بثًا مباشرًا، ما جعل هتاف “الموت للجيش الإسرائيلي” يصل إلى ملايين المشاهدين داخل بريطانيا وخارجها.
السلطات البريطانية تفتح تحقيقًا والوزيرة تعتذر رسميًا
على الفور، أعلنت الشرطة البريطانية فتح تحقيق جنائي بشأن هذه الهتافات، فيما خرجت وزيرة الثقافة البريطانية، ليزا ناندي، أمام البرلمان في 30 يونيو لتقديم اعتذار رسمي واصفة تلك الشعارات بأنها “مروعة وغير مقبولة”، في محاولة لاحتواء الموقف.
التدخل الأمريكي… إلغاء تأشيرات وبيان غاضب
اللافت أن الولايات المتحدة، رغم عدم علاقتها المباشرة بالمهرجان، أعلنت إلغاء تأشيرات دخول لعضوين من فرقة بوب فيلان، معتبرةً أن من “يمجّد العنف والكراهية” ليس مرحبًا به داخل أراضيها.
جاء ذلك عبر تغريدة لنائب وزير الخارجية الأمريكي كريستوفر لاندو على منصة “إكس”.
غزة تنتصر جماهيريًا في أوروبا
رغم الدمار والحصار والإبادة التي يتعرض لها شعب غزة منذ أكتوبر 2023، فإن هذا المشهد البريطاني يعكس تحولًا تاريخيًا في الرأي العام الغربي، ويمثل هزيمة مدوية للرواية الإسرائيلية التي لطالما صدّرت نفسها كضحية وسط “وحشية عربية” مختلقة.
سقوط أسطورة “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”
لقد فضحت حرب غزة 2023-2025 جرائم الجيش الإسرائيلي، وسقطت معها الأكذوبة الإعلامية التي طالما روجت لكونه “الجيش الأكثر أخلاقية”.
وبات واضحًا من خلال تفاعل الجماهير العالمية، أن المجازر الممنهجة، وتدمير الأحياء السكنية، وقتل الأطفال، لم تعد قابلة للتبرير أو التبرئة.
الغرب.. ازدواجية المعايير وحرية التعبير الانتقائية
المفارقة المؤلمة التي كشفها المهرجان، هي أن الغرب الذي يدّعي حرية التعبير، لم يتحمل هتافًا واحدًا من آلاف الجماهير ضد إسرائيل، بينما سبق له أن دافع عن رسوم مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، وتغاضى عن حرق المصحف في وضح النهار باسم “حرية التعبير”.
أما إذا كان الأمر متعلقًا بإسرائيل، فالقوانين تُكسر، والوزراء يعتذرون، والتأشيرات تُلغى.
هل آن للعرب أن يميزوا العدو من الصديق؟
ما حدث في “غلاستونبري” كشف الكثير من الأقنعة.
لقد آن الأوان أن يفهم العرب والمسلمون حقيقة التحالفات الغربية، ويدركوا من هو الصديق المخلص لقضايا الأمة، ومن هو العدو المتلبس برداء التحضر والحرية.
“فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ، وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ” (غافر: 44)