إسرائيل تنتقم من الفلسطينيين… بثأر الهولوكوست!

بقلم / ممدوح الشنهوري*
في سلسلة من التصريحات الصادمة التي تنضح بالكراهية والعنصرية، يواصل وزراء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي إطلاق تصريحاتهم العدوانية ضد الفلسطينيين، في مشهد يُنبئ بعقلية استعمارية متوحشة، لا تكتفي بالقتل والدمار، بل تسعى لتبريره أخلاقياً وتاريخياً.
بدأ الأمر بتصريح وزير التراث الإسرائيلي المتطرف “ميخائيل إلياهو”، الذي ألمح بوضوح إلى إمكانية استخدام قنبلة نووية ضد قطاع غزة، في تهديد غير مسبوق بارتكاب إبادة جماعية. ثم تبعه تصريح وزير المالية الإسرائيلي “بتسلئيل سموتريتش”، أحد أبرز رموز الصهيونية الدينية المتطرفة، بالدعوة إلى ضم الأراضي الفلسطينية بالكامل وتوسيع المستوطنات وتهجير الفلسطينيين قسرياً.
هولوكوست جديد… ولكن الضحية فلسطينية!
يبدو أن دولة الاحتلال تسعى لانتقام رمزي من محرقة الهولوكوست، ولكن هذه المرة ليس ضد من ارتكبها في الماضي، بل ضد شعب أعزل لا حول له ولا قوة، لا ذنب له سوى أنه يطالب بحقه في أرضه ووطنه.
فمنذ الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر، وإسرائيل تمارس سياسة “الإبادة البطيئة”، من خلال القتل، والتجويع، والحرمان من أبسط مقومات الحياة، وكأنها تسعى لمحو الوجود الفلسطيني بشكل تدريجي، انتقاماً لجراحٍ لم يكن الفلسطينيون طرفاً فيها.
ما تعرّض له اليهود في أوروبا إبان الحرب العالمية الثانية بين عامي 1933 و1945 على يد النظام النازي بقيادة أدولف هتلر، يتكرر اليوم بطريقة معكوسة، ولكن بأدوات إسرائيلية هذه المرة، وعلى أجساد الفلسطينيين، وسط عجز عالمي وصمت عربي يُثير الأسى والأسئلة في آن واحد.
غزة تموت جوعاً… والعرب صامتون
في الأشهر الأخيرة، تصاعدت سياسة التجويع التي تستخدمها إسرائيل كسلاح فتّاك ضد المدنيين الفلسطينيين، لاسيما في قطاع غزة، حيث بات الأطفال يموتون جوعاً بسبب الحصار الخانق وانعدام الغذاء والدواء. إنها حرب إبادة من نوع آخر، لا تحتاج إلى صواريخ أو طائرات، بل إلى منع الخبز والماء عن أجساد أنهكها القصف والنزوح.
ورغم كل هذه الجرائم الموثقة، يلتزم الشارع العربي صمتاً مطبقاً، أقرب إلى “الخرس والعمى”، تجاه المجازر اليومية والجرائم ضد الإنسانية، وكأن من يُقتل ويُشرَّد ويُجوَّع ليس من بني جلدتهم!
هل أصبح الفلسطينيون كبش فداء لصمت العرب؟
كلما طالت فترة الصمت العربي، زادت إسرائيل من بطشها واستغلالها لهذه اللامبالاة. وكأن الاحتلال يقول للعالم: “لقد صمت أهلهم، فأنتم أولى بالصمت!”
إن ما يفعله الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين اليوم هو محاولة لـ”شفاء جراح” تاريخية على حساب دماء شعب أعزل، لم يرتكب الهولوكوست، ولم يشارك فيه، لكنه يُعاقَب به، وكأن العالم قد نسي من الجلاد ومن الضحية.
إلى متى يستمر هذا الصمت؟
ويبقى السؤال الذي يطارد ضمائر الأحرار في العالم العربي: إلى متى سيظل هذا الصمت العربي عاجزاً عن إنقاذ الشعب الفلسطيني؟
وهل كانت ستتكرر هذه الجرائم لو أن فلسطين كانت دولة ذات نفوذ اقتصادي أو إقليمي؟ أم أن الشعوب العربية قد قبلت الذل والخنوع مقابل حفنة من الدولارات؟
سؤال مفتوح… لكن الإجابة عنه باتت مُلحّة، وأكثر إيلاماً من أي وقت مضى.
*كاتب صحفي وعضو المنظمة المصرية والدولية لحقوق الإنسان