الكاتب الصحفي الكبير صالح إبراهيم يكتب : خَلْق الإنسان.. من دلائل الإيمان

خلق الله سبحانه وتعالى أبوالبشر آدم عليه السلام من طين، علمه أسماء الملائكة وعرضه عليهم، طلب منهم السجود له، فسجدوا جميعاً إلا إبليس استكبر ورفض، قائلاً إنه أفضل منه، خلقتنى من نار وخلقته من طين.. عاقبه الله سبحانه وغضب عليه وطرده من الجنة حتى يوم الدين، ثم جعله من المنظرين، ليبدأ إبليس فوراً فى إغواء البشر عن الطريق السليم وكما هو معروف وسوس لآدم وزوجه حواء فى الجنة لقطف ثمار الشجرة المحرمة، بزعم أنهما سيكونا من الخالدين، واستجابا للغواية وأخذا يغطيان سواءتهما بورق الشجر، بعدها أمرهما الله سبحانه وتعالى بالهبوط إلى الأرض، وكلفهما برسالة الإعمار والعيش فى الأرض، يحيون ثم يموتون ثم يبعثون بإذن الله يوم القيامة، كل يحمل كتابه ويحاسب بما فعله من خير أو شر، بعدالة بالغة تمتزج بالرحمة والمغفرة، إلا لمن أشرك بالله سبحانه، هؤلاء لا تُغفر ذنوبهم ولا يُرحمون.
يعمر الإنسان فى الأرض بالتكاثر، تحمله الأم حواء فى رحمها من نطفة إلى علقة ثم تتكون ملامحه وبنيانه داخل الرحم ينزل إلى الأرض بعد ٩ أشهر، تعانى الأم الحمل والولادة، ثم تتوالى الرضاعة والرعاية وبعدها يبدأ مشوار الحياة بشق طريق نهاية العمر الذى يقدره الله سبحانه وتعالى »لكل أجل كتاب«.
هنا نجد أن هناك دلائل تتكامل داخل المرء، إذا تأملها يكتشف عظمة الخالق ويسجد له ويسبحه شكراً واعترافاً، يتأكد أنه أولاً وأخيراً عبد لله، الذى خلقه فى أحسن تصوير، ويقدر له رزقه ومسار حياته ويتقبل توبته ويغفر له ذنوبه ويبارك فى سعيه فى الأرض ليواصل مهمة الإعمار والبناء.
عندما يتأمل الإنسان كيف يعمل جسده من أعضاء وخلايا بانتظام ونظام بالغ الدقة ويرى كيف ينبض القلب ويتفاعل الفؤاد وكيف يرشد الله العقل إلى اتخاذ القرار.. كل هذه العناصر التى تعمل بدقة وحساسية بالغة تؤكد للإنسان عظمة الخالق سبحانه ويشكره على هذه النعم التى تساعد الإنسان على اقتحام الصعاب وتحقيق الآمال.
وإذا ما تأمل الإنسان الكون من حوله وحركته وتتابع الشمس والقمر والليل والنهار والنجوم السابحة فى الفضاء وما تصل إليه معارف الإنسان المحدودة من اكتشافات كل هذه دلائل إضافية ترشد الإنسان إلى وحدانية الله سبحانه، وما قام به إبراهيم أبوالأنبياء فى ذلك خير مثال.
الأمثلة عديدة وغير محدودة العدد، تحمل الإجابات بكل الأسئلة، تأملوا سلوك الكائنات ومسار الطيور تقطع مسافات بعيدة فى أسراب منظمة، وعلى الأرض كيف تدار قوافل النمل ساعية إلى رزقها، والنحل الذى يخرج لنا رحيق الزهور بعسلها صافياً شفاء وبركة، الأنعام التى نأكل لحومها ونستفيد من شحومها وأخواتها الأخرى التى تنقلنا من مكان إلى مكان.
أبناؤنا وأحفادنا منذ الطفولة والامتثال التلقائى المنظم فى الفطرة إلى الالتزام بالسلوك والانتظام فى بنيان المجتمع، أليس فى هذه الكائنات وصولاً إلى حركة الكون المتناغمة تؤكد وحدانية الله سبحانه وتدعو أصحاب السرائر الطيبة إلى طريق الإيمان.
الكاتب الصحفي صالح إبراهيم
مدير تحرير أول بجريدة الجمهورية




