الوقاية من الحسد وطرق العلاج

بقلم / وليد على
الحسد افاة من أفات القلب التي حذر منها الشرع فهى تدمر اعظم قيم المجتمع المسلم وهى الحب وتورث صاحبها الغل والحقد والكره لذا حذرنا الشرع وقال عنها النبى الكريم انها الحالقه التي تحلق الدين
والحسد هو تمنى زوال النعمة من الغير ولا يأتى الا من قلب ملاء بالغل والحقد والكراهية
الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء، وأول ذنب عصي الله به في الأرض
فأما في السماء فحسد إبليس أدم (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا)
وأما في الأرض فحسد قابيل هابيل (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ )
قال الله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} [النساء: 54].
وقال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 109]
وقال تعالى: وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [الفلق:5].
وروى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.
وروى أبو دواد في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.
وقال الحسن رحمه الله: ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من حاسد نفَس دائم، وحزن لازم وعبرة لا تنفد.
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لا تعادوا نعم الله، قيل له: ومن يعادي نعم الله؟ قال: الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله.
وانظر إلى عاقبة الحسد، فاليهود حسدوا النبي صلى الله عليه وسلم، فكفروا وهم يعلمون فضلوا وأضلوا،
روى ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما حسدَتْكم اليهودُ على شيء، ما حسدَتْكم على السلام والتأمين»؛ (حديث صحيح) (صحيح ابن ماجه للألباني، حديث: 697).قال عبدالله بن عباس، رضي الله عنهما: اليهود حسدوا النبي صلى الله عليه وسلم، على النبوة وأصحابه على الإيمان به؛ (تفسير القرطبي، جـ5، صـ252).
خاف نبي الله يعقوب صلى الله عليه وسلم من الحسد على أبناءه: • قال الله سبحانه حكايةً عن نبيِّه يعقوب صلى الله عليه وسلم: {وَقَالَ يَابَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [يوسف: 67].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى، إخبارًا عن يعقوب، عليه السلام: إنه أمَرَ بنيه لما جهَّزهم مع أخيهم بنيامين إلى مصر، ألا يدخلوا كلهم من باب واحد، وليدخلوا من أبواب متفرقة، فإنه كما قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: إنه خشي عليهم العين، وذلك أنهم كانوا ذوي جمال وهيئة حسنة، ومنظر وبهاء، فخشي عليهم أن يصيبهم الناس بعيونهم؛ فإن العين حق؛ (تفسير ابن كثير، جـ4، صـ 400).
نبينا صلى الله عليه وسلم حذِّرنا من شر الحسد فقال :
روى ابن ماجه عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضل؟ قال: «كل مخموم القلب، صدوق اللسان»، قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مـخموم القلب؟ قال: «هو التقيُّ النقيُّ، لا إثم فيه، ولا بغي، ولا غل، ولا حسد»؛
روى النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجتمعان في قلب عبد: الإيمان والحسد»؛
روى الطبراني عن ضمرة بن ثعلبة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا»؛
روى الترمذي عن الزبير بن العوام رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دَبَّ إليكم داءُ الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء هي الـحالقة، لا أقول تـحلق الشعر ولكن تحلق الدين»؛
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما كانت نعمة الله على أحد إلا وَجَدَ لها حاسدًا؛ (أدب الدنيا والدين للماوردي، صـ271).
قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: كل الناس أقدر على رضاه إلا حاسد نعمة، فإنه لا يرضيه إلا زوالها؛ (الزواجر للهيتمي، جـ1، صـ93).
قال الحسن البصري رحمه الله: يا بن آدم، لا تحسد أخاك، فإن كان الذي أعطاه الله لكرامته عليه فلا تحسد من أكرمه الله تعالى، وإن كان لغير ذلك فلِمَ تحسد من مصيره إلى النار؛
قال محمد بن سيرين رحمه الله: الحسد من أخلاق اللئام، وتركه من أفعال الكرام، ولكل حريق مطفئ، ونار الحسد لا تطفأ؛
قال ابن حبان رحمه الله: من الحسد يتولَّد الحقد، والحقد أصل الشر؛
أسباب الحسد: للحسد أسباب كثيرة، نستطيع أن نوجزها في الأمور التالية:
(1) العداوة والبغضاء، وهذا أشد أسباب الحسد.
(2) التعزز، وهو أن يثقل على الإنسان أن يترفع عليه غيره.
(3) حب الرياسة وطلب الجاه، بأن يكون الإنسان منفردًا عديم النظر، غير مشارك في المنزلة، يسوءه وجود مناظر له في المنزلة.
(4) خبث النفس وشحها بالخير لعباد الله، بحيث يشق عليه أن يوصف عنده حسن حال عبد فيما أنعم عليه؛
الـمؤمن لا يحسد أحدًا على النعمة: فمن صفات عباد الرحمن أنهم لا يحسدون أحدًا على نعمة أنعم الله تعالى بها عليه.
قال تعالى عن الأنصار: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: قوله تعالى: {وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَة ً مِمَّا أُوتُوا}؛ أي: لا يـجد الأنصار في أنفسهم حسدًا للمهاجرين فيما فَضَّلهم الله به من المنزلة والشرف، والتقديم في الذكر والرتبة.
قال الحسن البصري رحمه الله: {وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً} يعني: الحسد؛ (تفسير ابن كثير، جـ 13، صـ489)
وسائل الوقاية من الحسد علاجه :
فان من أنجع الوسائل للوقاية من الحسد الالتزام بالطاعات والمواظبة على التعوذات، وسؤال الله العافية صباحا ومساء، ومن أهم ذلك قراءة سورة قل هو الله أحد، والمعوذتين.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء.
. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا: ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات لم يضره شيء. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي. رواه أبو داود.
ويشرع للمصاب ان يستعمل الرقية الشرعية فيرقي أو يسترقي من جرب نفعه من الرقاة المتمسكين بالسنة.
وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا. رواه مسلم. أي إذا طلب من أصابته العين أن يغتسل من أصابه بعينه فليجبه..
وعن أبي أمامة سهل بن حنيف أنه قال: رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة (يعني من شدة بياضه) فلبط (أي صرع وسقط على الأرض) سهل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: يا رسول الله هل لك في سهل بن حنيف والله ما يرفع رأسه، فقال: هل تتهمون له أحداً؟ قالوا: نتهم عامر بن ربيعة.
قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامراً، فتغيظ عليه وقال: علام يقتل أحدكم أخاه؟! ألا بركت، اغتسل له، فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم صب عليه فراح سهل مع الناس ليس به بأس. رواه مالك وأحمد وابن ماجه وصححه الألباني… قال الباجي في شرح الموطأ: قوله صلى الله عليه وسلم: هل تتهمون له أحداً، يريد أن يكون أحد أصابه بالعين..
وقال ابن حجر في فتح الباري: أمر العائن بالاغتسال عند طلب المعيون منه ذلك فيه إشارة إلى أن الاغتسال لذلك كان معلوما بينهم، فأمرهم أن لا يمتنعوا منه إذا أريد منهم، وأدنى ما في ذلك رفع الوهم الحاصل في ذلك، وظاهر الأمر الوجوب، وحكى المازري فيه خلافا وصحح الوجوب وقال: متى خشي الهلاك وكان اغتسال العائن مما جرت العادة بالشفاء به فإنه يتعين، وقد تقرر أنه يجبر على بذل الطعام للمضطر وهذا أولى.
قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: فيه من الفقه أنه إذا عرف العائن أنه يقضى عليه بالوضوء لأمر النبى عليه السلام بذلك وأنها نشرة ينتفع بها.



