خواطر عمو يوسف (4) بلاش تفتي
أحبابي ..
بلاش تفتي
هناك عبارة تترد كثيرا بصيغ مختلفة على ألسنتنا نصف بها كلام من يتناقش معنا بأنه كلام غير صحيح حين لا نوافقه الرأي فنقول له على سبيل الاستهزاء: “بلاش تفتي .. أو بلاش فتي .. أو عمال يفتي” ونحو ذلك من العبارات التهكمية دون أن ندري أننا بهذا القول قد نرتكب ذنبا دون أن نشعر.
ويحزنني كثيرا أن أرى وأسمع هذه العبارات وهي تنتشر في حياتنا انتشارا كبيرا حتى أصبحنا نرى حلقات دراما وبرامج تلفزيونية بهذا الاسم، بل أصبحنا نسمعها من بعض الدعاة على شاشات التلفزيون للأسف الشديد.
فأنا أرى أن ترديد مثل هذه العبارات لا يجوز إطلاقا لأن في ذلك استهزاء بجوهر معنى الإفتاء في الإسلام، وهو معنى محترم وجليل في قلوبنا وعقولنا وحياتنا كلها بلا أدنى شك.
فمنصب فضيلة المفتي يفترض ألا يشغله إلا عالم جليل من كبار علماء البلد، وهو عندنا في مصر بمنصب وزير في الدولة (بالمناسبة منصب فضيلة شيخ الأزهر يعادل منصب رئيس الوزراء في الدولة وهذا المنصب (رئيس وزراء) في رايي فيه تقليل من شأن فضيلة شيخ الأزهر وليس فيه تشريف له لأنه يجب أن يكون مستقلا تماما عن الدولة وعن السلطة التنفيذية كلها). والفتوى في حد ذاتها من ضروريات حياتنا لأنها تعطينا رأي الدين في سلوكياتنا، ونطلبها أحيانا لتنير طريقنا في الحياة فترشدنا إلى الحلال وتبعدنا عن الحرام. ولذلك لا يجب أن يتصدى للفتوى إلا من تؤهله مؤهلاته ودوراساته وخلفيته العلمية الدينية إلى ذلك.
عليه، فإنه من الواجب علينا كمسلمين عدم ترديد مثل هذه العبارات إطلاقا كالببغاوات، وإن كنت لابد فاعلا فأضف إليها عبارة “بغير علم” فتقول: “بلاش تفتي بغير علم” لأنك بذلك تعيد للفتوى احترامها فأنت بذلك تقر بأن الفتوى الصحيحة لابد أن تكون عن علم.
وهناك بدائل أخرى لهذه العبارات يمكن أن نقولها عند الضرورة حتى لا نقع في الإثم كأن نقول: “انت متأكد من كلامك؟!” أو “عندك مايثبت صحة كلامك؟!” أو حتى “هات لي دليل يثبت ذلك!” ونحو ذلك.
ولا يفوتني في هذا المقام أن أوجه نداء ورجاء رقيقا إلى أخوتنا في الوطن من المسيحيين بألا يستخدموا هم أيضا مثل هذه العبارات في نقاشهم لأن مثل هذه العبارات- بكل صراحة- تؤذي مشاعرنا أكثر حينما نسمعها منهم.
وشكرا لكم جميعا.