أراء وقراءات

الدنيا كلها كوم .. وأمي كوم

بقلم / أمل الوكيل

هتعيش عمرك كله مش فاهم السر في “أمك”!

هتفضل لحد سن معين تنتقد تصرفاتها..ليه قبلت وضع غلط ما في حياتها؟

ليه مش بتحبني بالشكل اللي انا بتمناه، ليه عايشة تشتكي طول الوقت وبعد تهديدات كتير عمرها ما اتنفذت بتبقى وتكمل دورها ولا كأن حاجة حصلت!

هيضيع من عمر أمك سنين بين مهام روتينية سخيفة ومالهاش أي معنى…من التنظيف للطهي، لغسل الملابس ومروراً بترتيب غرفتك المهملة دائماً ، وتعليق ملابسك بالدولاب، ملء زجاجات المياة المستقرة بالتلاجة دائماً وهي فاضية..والحقيقة إنها مش الوحيدة اللي فاضية ..انت كمان فاضي من غير صوت ماما فى قلبك وودانك.

فيه سر وسحر عجيب يخليك تتعلق بشكل مرضي بإنسانة عاشت، تبدو طول عمرها موصومة بالضعف، بالنقص، وبالثبات على مبادئ يمكن بحسبة العقل والمنطق هي مبادئ غير صحيحة.

هتفضل تسأل نفسك إزاي الست دي تحملت كل الوجع ده؟ وازاي أدت كل المهام دي، ازاي كان دعاءها طول عمرها إنك تكبر فى خير وهنا وسلام بينما وانت بتكبر هي بتكبر معاك وبتخسر أحلى سنين في حياتها، وبتخسر صحتها وشبابها وأيام كان لها الحق تقضيها بطرق أجمل من كدة بكتير، بعيد عن شوية المرضى اللي مقتنعين إن ده عادي ودورها و أمومتها اللي استمتعت بيها مقابل كل حاجة قدمتها.

والحقيقة إن من رحمة ربنا بالجنس البشري كله إنه غلِّب عاطفة الست على عقلها وإلا ما كانت ست واحدة فى العالم تحملت الدور الصعب ده على مدار ملايين السنين اللي فاتت واللي لسة جاية!

هتعدي الأيام، وهتكبر أنت كمان، هيبقى لك أبناء وهتشوف مصاعب عمرها ما جت في بالك، وهتنام مشغول البال وقلقان لأسباب عمرك ما كنت تتخيل إنها تستحق كل القلق ده، زي مثلاً إن ابنك يبقى عنده رحلة ومش قادر توافق إنه يطلعها، يمكن لأنك خايف عليه، يمكن لأن الوقت مايسمحش، يمكن لأن الدنيا برد، ويمكن لضيق ذات اليد، ويمكن أسباب تانية كتير المهم إنها كلها أسباب عمر ما كان يخطر ببالك إنها تشغلك أصلاً.

وهيجي وقت تفتقد فيه الست اللي ياما شالت الحمل ده عنك، وياما انشغلت بحالك وأملك وطموحك وفرحك وزعلك، وياما نامت زعلانة وبتعيط علشان قست عليك غصب عنها بسبب عصبيتها أو من خوفها الزائد عليك.

هيجي عليك وقت تمشي تلمس مكان ايديها في البيت، فنجان قهوتها، كوباية الشاي اللي كانت بتحب تشرب فيها، والطبق اللي كانت بتاكل فيه، وهتوحشك.

هتفتكر كل مكان كان نفسها تروحه وماقدرتش علشان انت أولى، ولما هي قدرت علشان انت استغنيت كانت هي صحتها خانتها ومابقتش قادرة بعد ما العمر اللي عدى أخد معاه أكتر من اللي سابه.

هيجي عليك وقت تفتكر كل مرة زعلتها فيها، كل دقيقة قلبها اتكسر بسببك وهتتمنى لو بس تشوفها علشان تعوضها عنها دلال وصلح وحب وعطاء بس مش هتقدر، عمرك ما هتقدر .. والحقيقة كمان أن حتى وهي عايشة أنت عمرك ما هتقدر لأن اللي أمك عملته عمرك ما هتقدر انت تقدم عنه تعويض مناسب.

اشبعوا من امهاتكم، اغتنموا دقائق الدنيا في رضاهم ولو بكلمة، ولو ببسمة، ولو بأغنية حلوة تبعتوهالهم فى رسالة، ولو بقطعة حلوى هما بيحبوها ..اسرقوا من العمر دقائق قضوها معاهم غصب عن عين الدنيا قبل ما الدنيا تغدر بيكم وتحرمكم منهن ..وتندموا

#أمك_ثم_أمك_ثم_أمك

أمل الوكيل
كاتبة صحفية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.