وقفة مع النفس …. قبل استقبال شهر رمضان

بقلم – وليد على
تمر الأيام بنا سريعا ، والأشهر تجري وراء بعضها البعض ، فتنقضي الأعمار والأجال ،ونحن فى ثبات لا ندرى الى اين نسير او هل المسير الى الله ام فى طريق الغى والشهوات والملذات ولا حول ولا قوة الا بالله …
ومن هنا يجب ان تكون لنا وقفة مع انفسنا يحاسب فيها كلا منا نفسه عن التقصير والتقاعص والتسويف ….. لماذ !!؟؟؟
لاننا جميعا موقفون بين يدى الله اليوم او غدا للحساب والسؤال عن القليل والكثير عن التقصير والتهاون فى الفرائض والسنن … فماذ تقول لربك غداً ؟؟؟؟
أخى الكريم ونحن مقبلون على هذا الشهر الكريم شهر رمضان يجيب عليك ان تطهر قلبك وان تحاسب نفسك وان تزن عملك قبل ان يوزن عليك وان تستثمر وقتك ….
قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون) [الحشر: 18-19].
وقال تعالى: (يوم يبعثهم الله جميعاً فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد) [المجادلة : 6].
وقال تعالى ( يومَئذٍ يصدُرُ النّاسُ أشتاتاً لِيُرَوا أعمَالَهُم فمن يَّعمَل مثقال ذرة خيراً يَّره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يَّره ). [ الزلزلة : 6-8].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم ” لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه ما فعل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن جسمه فيما أبلاه ” [رواه الترمذي والدارمي عن أبي برزة الأسلمي]
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتزينوا ليوم العرض الأكبر: ثم يتلو قول الله تعالى: (يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية) [الحاقة :18]
ويقول ميمون بن مهران: (إنه لا يكون العبد من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه).
روي عن الإمام أحمد أن وهب بن منبه قال: (مكتوب في حكمة آل داود: حق على العاقل ألا يغفل عن أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه، وساعة يتخلى فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل، فإن في هذه الساعة عونا على تلك الساعات، وإجماماً للقلوب) (إغاثة اللهفان).
وكان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم يقف الواحد مع نفسه ليحاسبها محاسبة الشريك الشحيح لشريكه فهذا هو دريد بن الصمة رحمه الله جلس يوماً مع نفسه جلسة صدق، وعدَّ سنوات عمره التي مضت، فوجد أنه قد قارب الستين، وأن أيام عمره زادت على واحد وعشرين ألف يوم، فصرخ وقال: يا ويلاه يا ويلاه، ألقى ربي في واحد وعشرين ألف ذنب! كيف وفي كل يوم عشرات المعاصي والذنوب؟!.
قال الحسن- رحمه اللّه-: إنّ العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همّته. وعنه قال: { وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} (القيامة/ 2) قال: لا تلقى المؤمن إلّا يعاتب نفسه، ماذا أردت بكلمتي، ماذا أردت بأكلتي؟! .
وقال مالك بن دينار- رحمه اللّه-: رحم اللّه عبدا قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثمّ زمّها، ثمّ خطمها، ثمّ ألزمها كتاب اللّه- عزّ وجلّ- فكان لها قائدا. « محاسبة النفس لابن أبي الدنيا
وعن سلمة بن منصور عن مولى لهم كان يصحب الأحنف بن قيس، قال: كنت أصحبه، فكان عامّة صلاته الدّعاء، وكان يجيء المصباح، فيضع أصبعه فيه، ثمّ يقول: حسّ، ثمّ يقول: يا حنيف ما حملك على ما صنعت يوم كذا، ما حملك على ما صنعت يوم كذا.
قال الحسن البصري رحمه الله: [المؤمن قوّام على نفسه يحاسبها لله وإنما خفّ الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شقّ الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة] ثم قال: [المؤمن يفجأه الشيء يعجبه فيقول والله إنك تعجبني وإنك من حاجتي ولكن هيهات !حيلي بيني وبينك
فيا من تقاطع رحمك .. اما لك من وقفه مع نفسك
يا من عصى ربه وترك الصلاة .. اما لك من وقفه
يا من عق والديه … اما لك من وقفه
يا من غش العباد واكل اموال الناس بالباطل … اما لك من وقفه
فحرى بنا أخى الكريم ان نحاسب انفسنا وان نقف معها وقفة محاسبة ومكاشفه نخلى بين انفسنا وبين الذنوب والمعاصى حتى نستقبل شهر رمضان الكريم ونكون أهلا لتنزل الرحمات والمغفرة علينا ونكون فيه من الفائزين ومن العتقاء من النار .