احدث الاخبار

إِنِّي لَأَعْجَبُ!!

بقلم /ميادة مهنا سليمان

إنّي لأعجَبُ من الّذي يفتَحُ نوافذَ بيتهِ ليجدّدَ هواءَهُ، ولايفتحُ نوافذَ عقلهِ ليجدّدَ فكرَهُ الرّاكدَ!
إنّي لأعجبُ من الّذي يقولُ: “صباحَ الخيرِ”
ثمَّ يبدأُ يومَهُ بالشّرِّ، وأذيّةِ النّاسِ، والحقدِ، والحسدِ!
إنّي لأعجبُ من الّذي يغسلُ يديهِ ليعقّمها من الجراثيمِ، ولا يغسلها من السّرقةِ، والنّهبِ، والرّشوةِ، والقتلِ!
إنّي لأعجبُ من الّذي يعتني بهندامِهِ، ولباسِهِ، ويهملُ أناقةَ روحِهِ، بل رُبّما تركها عاريةً من كلّ نقاءٍ، لا يسترُ عُريَها إلّا مِزَقٌ من نفاقٍ، ورياءٍ، وكذبٍ!
إنّي لأعجبُ من الّذي ينفضُ الغبارَ عن أشيائِهِ، ولا ينفضُ الغبارَ، أو يمسحُ بيوتَ العناكبِ عن قلبِهِ، ولا يُفكّرُ حتّى بإزالةِ العفنِ عن روحِهِ، أو التَّخلُّصِ من نفاياتِ فكرِهِ.
إنّي لأعجبُ مِنَ الّذي أصبحَ ذا شأنٍ كيفَ نسيَ أصلَهُ، وفقرَهُ، وحرمانَهُ، وبؤسَهُ، وبساطةَ شأنِهِ، فتكبَّرَ، وطغى، وتجبَّرَ على الخَلقِ، وازدراهُم، فرآهُم حشراتٍ، وظنَّ نفسَهُ طاوسًا جميلًا، أو فهدًا قويًّا، أو نسرًا كاسرًا!
إنّي لأعجبُ من الّذي يصومُ عنِ الطّعامِ، والشّرابِ،
ولا يصومُ عن سُخفِ الحديثِ، وهتكِ الأعراضِ، والسّبِّ، والشَّتمِ، والغيبةِ، والنّميمةِ!
إنّي لأعجبُ من الّذي يبني جامعًا من أموالِ اليتامى، والمحرومينَ، والمستضعفينَ، ثُمَّ يُصلِّي فيهِ إمامًا، ويخطبُ عن الإنسانيَّةِ، والعدالةِ، والرّحمةِ، والكرمِ، ومدِّ يدِ العونِ للمُحتاجِ الفقيرِ، ونصرةِ المظلومِ المسكينِ!
إنّي لأعجَبُ من الّذي يظنُّ نفسَهُ المؤمِنَ الوحيدَ على وجهِ الأرضِ، وهو الحاملُ مفتاحَ الجنّةِ ، ولهُ أنهارُ الكوثرِ، والحورُ العينُ، وغيرَهُ في النّارِ مع أبي جهلٍ، وأبي لهبٍ، جزاءَ مخالفتِهم فكرَهُ، أو دينَهُ، أو طائفتَهُ!
إنّي لأعجَبُ من الّذي يزني في الليلِ، وعندَ الفجرِ يصيرُ العابدَ، التّائبَ، المُتباكي بين يدي ربِّهِ، وفي النّهارِ النّاصحَ، الواعظَ المُمسِكَ بِسُبَّحَةٍ يُحاضرُ في الدِّينِ، والوَرَعِ، والتُّقى، والأخلاقِ، وتغطيةِ شعرِ الأُنثى!
إنّي لأعجبُ، وأعجبُ كثيرًا، لكنّي تعبتُ من العجبِ!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.