أراء وقراءات

القيم الإنسانية العالمية فى الإسلام.

بقلم/ .ا.د.نادية حجازي نعمان

الأحد 20/9/2020

اكتسبت البشرية عبر تاريخها الطويل قيَمًا إنسانيَّةً عليا، ولم تبلغ تلك القيم كمالها إلا حينما اتصلت بخالقها عن طريق الرسالات السماوية، ولكن حينما تسود أهواء البشر، تُخلِد الإنسانية إلى الأرض، فتضِل وتنحَط قِيَمُها، ويكون الإنسان خاسر – لا محالة – إلا إذا حقق أربعة شروط: هي الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، وهذا هو ما أكد عليه القرآن الكريم منذ نزل على قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقد أُنْزِلت سورة “العصر”، وهي تُمَثِّل الطريق الذي يهدي الإنسان إلى الفوز، فيها يقول تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ . ويوجد فى الإنسان صفات سلبية؛ حيث خُلِق الإنسان ضعيفًا، و يؤوس، قنوط، ، كنود، ظلوم، جهول، جَزُوع، إلا أن الإسلام قد بيَّن السبل والوسائل التي تأخذ بذلك الإنسان؛ لترتفع بصفاته السلبية، فتُحَوِّلها لتصبح صفات إيجابية، وهنا تكتسب البشرية قيمًا إنسانية، تعلو على الأهواء والأنانية، قيمًا تتسم بالسماحة والإخاء والمساواة والإيثار والعدل والرحمة والتعاون على البر .

وحين التدبر فى آيات القرآن الكريم بهدف بيان إنسانية الإسلام يتضح أنَّ أَرْجَى آيةٍ في القرآن تعبر عن كمال الإنسانية، هي التي تأمر بأداء الأمانات إلى أهلها، والحكم بالعدل بين الناس، هكذا جاء الإعلان القرآني بمولد إنسانية عالمية تستجيب لأمر الله تعالى؛ حيث يقول: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58] ويقول العلماء عن تلك الآية : إنها من أمهات الأحكام، تضمنت جميع الدين والشرع، والآية عامة ولو نظرنا إلى سبب نزول الآية، لوجدنا أنها تظهر وجهًا مشرقًا لإنسانية الإسلام، ممثَّلة في النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأتباعه من بعده، فهذا مفتاح الكعبة – بيت الله الحرام – في يد كافر قبل الإسلام، وحامل المفتاح هو عثمان بن أبى طلحة، وابن عمه شيبة، وقد منعا النبي من دخول الكعبة، وهو بمكة قبل الهجرة إلى المدينة، وحينما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحًا منتصرًا، إذا بعمه العباس بن عبدالمطلب يطلب منه مفتاح الكعبة لتضاف له السِّدانة إلى السقاية، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بدلاً من أن يلبي طلب عمه، إذا به ينادي على من منعوه من دخول الكعبة من قبل، ودعا عثمان وشيبة فقال: ((خُذاها خالدة ، لا ينزعها منكم إلا ظالم))؛ أيُّ طرازٍ من الإنسانية يُعَلِّمُه محمد صلى الله عليه وسلم لأتباعه خاصةً، وللناس عامة؟!

ومبدأ الحكم بالعدل قائم على أساس البيِّنة على الْمُدَّعِي، واليمين على من أنكر، وهذا نبي الإسلام ينطق بكلمات من نور يقول فيها: ((إن المقسطين يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُوا)).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.