الكاتب الإيطالي بورغونوفو: الإسلام دين فروسية وحماس تتمتع بحاضنة شعبية
كتب – محمد السيد راشد
نشر الكاتب الإيطالي فرانتشيسكو بورغونوفو نائب مدير صحيفة “لافيريتا” اليمينية مقالا في الصحيفة يدعم فيه القضية الفلسطينية ويرى صعوبة القضاء على حماس لانها تتمتع بحاضنة شعبية. يرى أيضا ويرى أن ما يجمع المجتمعات الإسلامية باليمين أكثر مما يجمعها باليسار.
وفيما يلي نص المقال الذي نشره بالعربية موقع ” الجزيرة نت ” :
الفكرة السائدة عن التقسيمات السياسية في إيطاليا مفادها أن اليسار هو من يقف دوما مع القضايا العربية، بينما اليمين ينحاز ضدها، هل هذا التبسيط حقيقي؟ وهل الأمر كذلك فعلا من الناحية التاريخية في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية؟
في الحقيقة، تاريخ اليمين الإيطالي في أغلبه تاريخ مناصر للقضية الفلسطينية والانحياز لدولة إسرائيل هو الطارئ. هناك لحظة حدث فيها تقارب مع الولايات المتحدة، وبدا أن كل شيء تغير معها، لكن في الواقع ثمة الكثير من الحركات اليمينية في إيطاليا التي لا تزال في وقتنا الحالي تدعم وبكل حزم القضية الفلسطينية، فعلى سبيل المثال، ممثلو “كازا باوند” أعلنوا مؤخرا انحيازهم لفلسطين، كما أن علاقتهم الثقافية لطالما كانت جيدة جدا مع العالم الإسلامي.
تاريخ اليمين الإيطالي في أغلبه تاريخ مناصر للقضية الفلسطينية والانحياز لدولة إسرائيل هو الطارئ. هناك لحظة حدث فيها تقارب مع الولايات المتحدة الأميركية بدا أن كل شيء تغير معها.
هناك تقاليد ثقافية يمينية عريقة في هذا الصدد، ويحضر في ذهني الآن مثقفون من اليمين قريبون جدا من الثقافة الإسلامية على غرار كلاوديو موتي أو (المفكر) بييترانجيلو بوتافووكو الذي اعتنق قبل سنوات قليلة الإسلام.
لا نسمع رأي مسلمي أوروبا في قضايا أخلاقية كبرى كالإجهاض أو تأجير الأرحام! أنا شخصيا أؤمن بصدق بأن المسلمين هنا عليهم أن يشاركوا في النقاش السياسي. لذلك، أنا الوحيد الذي يدعو في برنامجه الحواري وجوها مسلمة لتحليل الأحداث السياسية المختلفة، بعيدا عن الصيغ المسبقة التي حشرهم فيها اليسار، فهو الذي حبسهم في غيتو ثقافي لا يشبههم حتى، أما أنا، فعن نفسي أرى أن ما يجمع المجتمعات الإسلامية باليمين أكثر مما يجمعها باليسار
لماذا لا يشعر العالم العربي بهذه العلاقة مع اليمين، ويعتقد أن المثقف اليساري هو الأكثر قربا إليه؟
أعتقد أن ثمة سوء فهم كبيرا على هذا المستوى. ومن ذلك أن هناك فرقا شاسعا بين الإسلام الذي نعرفه في أوروبا والإسلام الذي تعيشه الشعوب المسلمة على أرضها؛ ما زلت أحاول من خلال عملي أن أجد حلا لهذه المعضلة، لكن مبدئيا علينا أن ندرك أن مسلمي أوروبا لطالما تم استغلالهم من طرف اليسار ومنحهم شعورا زائفا بـ”الدلال” باعتبارهم وجوها للهجرة فقط، وهكذا أصبحنا لا نسمع لهم صوتا في الإعلام إلا للشكوى والمطالبة بأمور محددة كالجنسية، ولكننا لا نسمع رأيهم في قضايا أخلاقية كبرى كالإجهاض أو تأجير الأرحام! أنا شخصيا أؤمن بصدق بأن المسلمين هنا عليهم أن يشاركوا في النقاش السياسي. لذلك، أنا الوحيد الذي يدعو في برنامجه الحواري وجوها مسلمة لتحليل الأحداث السياسية المختلفة، بعيدا عن الصيغ المسبقة التي حشرهم فيها اليسار، فهو الذي حبسهم في غيتو ثقافي لا يشبههم حتى، أما أنا، فعن نفسي أرى أن ما يجمع المجتمعات الإسلامية باليمين أكثر مما يجمعها باليسار.
في الغرب، اليمين واليسار كلاهما أصبح مفرغا من أي معنى.
إن كان من الطبيعي أكثر التفكير في تحالف بين المسلمين والمسيحيين في أوروبا، كيف تقرأ المواقف المناهِضة للإسلام من بعض سياسيي اليمين الإيطاليين؟
أعتقد أن صفحة الإرهاب التي عرفناها في الغرب -والتي ما زلنا لم نستوعب ماهيتها بعد- هي ما أفسد العلاقات بيننا، لكن المشكلة الكبرى تكمن أيضا في أن اليمين الغربي ليس يمينا متدينا. صحيح أن بعضهم يلوّح ببعض القيم الدينية، ولكنه يستخدمها شعارات فقط. والحقيقة هي أن المسيحيين المتدينين أقلية في اليمين، ففتح موضوع “الجندر” مثلا يزعج كثيرا من اليمينيين لأنه يجعلهم يظهرون بشكل غير مواكب للعصر، وهذا هو نفسه السبب الذي يجعلهم يُعرضون عن الحديث عما يجمعهم بالإسلام؛ في الحقيقة، اليمين واليسار في الغرب كلاهما أصبح مفرغا من أي معنى.
بالعودة لموضوع الهجرة وفلسطين، ولد في السنوات الأخيرة تيار ثقافي في إيطاليا يدعو إلى مقاومة نماذج العيش المعولمة وإغراء الهجرة عن البلدات الصغيرة في الجنوب الإيطالي، نرى ذلك في أعمال الأنثروبولوجي فيتو تيتي والتيار الشعري لفرانكو أرمينيو. لكننا -في الوقت نفسه- نرى توجها ثقافيا يروّج للهجرة الجماعية وإفراغ النصف الجنوبي من الكرة الأرضية من شعوبها، بل سمعنا رئيس بلدية رياتشي السابق ميمو لوكانو يطلق مؤخرا نداءً لاستقبال الغزيين في إيطاليا من دون مراعاة تاريخ الشعب الفلسطيني الذي يناضل الآن في وجه مخططات تهجيره القسري. ثقافيا، كيف تقرأ موقف اليسار الإيطالي المتناقض من هذا الموضوع؟
الحديث عن الأرض في إيطاليا هو مفهوم فلكلوري أكثر من كونه مفهوما مقدسا. التقاليد هنا لا تعجب اليسار إلا عندما يتعلق الأمر بالطعام. والأرض لا تثير اهتمام أحد إلا لأنها تنبت أجود أنواع الفستق والطماطم. لكن التقاليد هي أيضا الروحانيات والأرض وحدودها هي أمر مقدس.
الخوض في موضوع الأرض بكل ما يكتنفه من عمق لا يعجب اليسار، بل يزعج طمأنينته. الأرض -بوصفها مفهوما في الغرب- أصبحت صورة كاريكاتيرية: أكل وفريق كرة قدم وعطل وغيرها من الصور الجاهزة، في حين أن الأمة مفهوم مقدس، الحدود مقدسة، والشعوب مقدسة.
صورة للاسلام مزيفة
أعتقد أن هناك صورة زائفة تُقدم عن الإسلام تربطه بالارهام ، أنا أرفضها وأطالب بتصحيحها، وأعتقد أن الإسلام دين رائع ينضح بقيم الفروسية، أما الادعاء بأن الثقافة الغربية ثقافة سلام لأنها منحت العالم 70 سنة من السلام ليس سوى هراء.
*فرانتشيسكو بورغونوفو كاتب وصحفي إيطالي لا يخشى السباحة ضد التيار، نائب مدير صحيفة “لافيريتا” اليمينية، وصاحب برامج تلفزيونية وإذاعية عدة