بشائر انتصار المقاومة في غزة (5) خبير إسرائيلي: لن نحقق إنتصاراً في غزة،فما السبب؟
بقلم / الدكتور محمد النجار
ليس كل مَنْ يقول يُسمعُ لقوله وتصريحاته وأحكامه ، إنما إذا جاءت الشهادة من خبير على علم ودراية ودراسة خاصة من خبراء أعدائك المتربصين بك ، والمراقبين لكل أسلحتك ومواطن القوة والضعف عندك، والدارسين لخططك العسكرية والسياسية والاقتصادية وكافة العوامل المؤثرة في إمكانية نجاحك وفشلك وانتصارك وهزيمتك-عندئذ- يجب النظر في تلك الشهادة وهذه الأحكام ،وتحليلها واستخلاص النتائج منه.
الخبير الإسرائيلي “د.مردخاي كيران”: لن نحقق انتصارا في غزة
وغالبا ما تكون تلك الشهادة أقرب إلى الحقيقة والواقع ، خاصة إذا ماصدرت من مثل هذا الخبير الإسرائيلي “د.مردخاي كيران” الذي خدم في الإستخبارات العسكرية الاسرائيلية لمدة (25)عاماً. ويجيد (3) لغات بطلاقة :”اللغة العبرية والعربية والإنجليزية” فضلا عن لغته البولندية الأصلية” مما يؤهله لإصدار أحكام أقرب ماتكون الى الصحة والصواب.
أسباب عدم تحقيق اسرائيل إنتصار في غزة
أصدر الدكتور مردخاي كيران تصريحا عبر القناة ((12))العبرية بتاريخ 13-12-2023م قال فيه :لن نحقق انتصاراً في غزة . وحدد الأسباب التي تعيق تحقيق الانتصار على غزة فيما يلي :
1- هامشية الله في عقيدة اليهود.. ووحدانية الله لدى المسلمين
وتحدث د.مردخاي كيران الى مقدمي البرامج في القناة ((12)العبرية قائلا لهم :
انتم تعيشون داخل فقاعة إسرائيلية ، بينما حماس والمقاومة يعيشون لأجل الله..فالله معهم في عقيدتهم وأفكارهم وحياتهم حيثما كانوا .
2- صورة النصر لدى المقاومة: النصر أو الاستشهاد
واستطرد د.مردخاي كيران قائلا :
لو بقي حماسي واحد مقطوع الرجل ومقطوع اليد، وبيده الثانية أُصبعين سوف يقف فوق مسجد مُدمر ويرفع أُصبعيه المقطوعين بعلامة النصر وكأنه قد فاز..لماذا ؟
لأن أولاده سيكملوا ..وأحفاده سيكملوا لأنه بقي..ولأنه نجا..لذا هذه صورة النصر
يجب أن نفهم هنا أن هذا تفكير آخر ومعايير أخرى ليست لدينا في اسرائيل
3- المسلمون لايستسلمون
وقاطع المذيع د.مردخاي كيران قائلا :.ولكننا نرى حماسيون يستسلمون..
فرد عليه د.مردخاي كيران : كم واحد استسلم؟
وكم واحد موجود في الأنفاق؟
إنهم بالألاف في الإنفاق؟
القصة ليست كما نرى اليوم..هم ينظرون كثيرا للأمام والمستقبل
4- امريكا والغرب لن يدعموا إسرائيل إلى الأبد
ويستائل د.مردخاي كيران موجهاً كلامه للمذيع : هل الأمريكان سيدعموك للأبد؟؟
هل أوربا ستدعمك للأبد ؟؟
هل المجتمع اليهودي سيدعمك دائما؟؟
هذه هي الأسئلة المهمة التي يجب ألا تغيب عنا في إسرائيل.
5- صبر المقاتل الفلسطيني شهور في الأنفاق
ويلفت د.مردخاي كيران نظر إحدى مقدمي البرنامج قائلا لها:
انظري ..هناك آية في القرآن تقول : إن الله مع الصابرين
الله مع الذين لديهم القدرة على الصبر لفترة طويلة .
لا توجد كلمة “صبر” في اللغة العبرية
ويتأمل د.مردخاي كيران قائلا : لايوجد لدينا كلمة مثل كلمة “صبر” في اللغة العبرية.
الصبر هو أن تكون في نفق لمدة شهرين أو ثلاثة لاترى ضوء النهار ، وبالكاد تأكل
وتخرج ومعك سلاح كلاشينكوف وتقتل اليهودي.
لديهم صبر لا شكوى معه أو تضجر…
لماذا؟ لأن لديه القدرة على الصبر لفترة طويلة ..وهذا ليس مفهوما لي.
6- إستسلام حماس مجرد خيال إسرائيلي لن يتحقق
يحاول المذيع إيجاد ضوء في النفق لصالح اسرائيل في ذلك الحوار ، فيقول متسائلاً:
أنت تقول في الحقيقة أن خيالنا الإسرائيلي يصور لنا أن هناك نقطة نستطيع من خلالها كسر حماس أو أن حماس ستستسلم أو ستنهار على نفسها!!!
ويرد د.مردخاي كيران على المذيع مؤكداً :هذا كله من نسج خيالنا “أن حماس ممكن أن تستسلم ، وهذا الخيال الاسرائيلي مستحيل أن يتحقق ، بل خيال ليس له علاقة بالواقع..انتم تعيشون داخل فقاعة إسرائيلية ..إنهم يعيشون لأجل الله ..والله معهم .
7- حرب حماس مقدسة ..وقتال الصهاينة
ويرى د.مردخاي كيران أن عقيدة حماس والمقاومة الفلسطينية إنما هي حرب مقدسة ، بينما حقيقة الحرب لدى الاسرائيليين ليست حرب مقدسة بالمعنى الحقيقي ، و أنما عقيدة حرب من اجل الحرية فقط . وأن النصر حتما يتحقق لصاحب الحرب المقدسة التي يرى فيها أن النصر يتحقق له في كل الحالات : إما بالنصر على أعداءه ، أو بالشهادة في سبيل الله .
8- الله احتياطي في ملعب اليهود
ويتذكر د.مردخاي كيران حديثا له مع وزيرة الخارجية الاسرائيلية “تسيبي ليفني” فيقول :
كان لي جدال مع تسيبي ليفني في أحد الاستوديوهات ، وقلت لها : أن التركيبة الدينية لديهم -لدى حماس والمقاومة والمسلمين جميعا- مسيطرة عليهم ، فالله هو اللاعب الرئيسي إن لم يكن اللاعب الوحيد..
أما عندنا –اليهود-..إذا كان الله معنا موجوداً في الملعب فسيكون على مقاعد – الاحتياط – البدلاء.
9- عقيدة الجهاد تمنح القدرة النفسية والجسمانية
ويختم د.مردخاي كيران حديث الموثق في فيديو قائلا :
هذه العقيدة -الإسلامية- تشكل فارقا كبيراً في القدرة النفسية والقدرة العامة. إن الإيمان يؤثر بشكل كبير على القدرات الجسمانية ، وحماس والمقاومة متفوقون جدا علينا في هذه القدرات.
أنا لا أقول : أن قدراتنا –كيهود-أقل أو أن معنوياتنا أقل لكنني فقط أوضح أن حربهم هي حرب دينية ، ونحن كإسرائيليين أو على الأقل نصفنا لانرى الأمور هكذا.
مصادر حكم الخبير الاسرائيلي لانتصار المسلمين
لم يصدر حُكم ذلك الخبير الإسرائيلي ((د.مردخاي كيران)) بأن اسرائيل لن تحقق نصراً في غز عشوائيا ، أو رغبة في هزيمة صهيونيته ويهوديته ، إنما صدر الحكم عن خبير مخضرم في الإستخبارات الإسرائيلية لا يريد أن يخدع قيادته وشعبه. فلقد درس واقع وأحوال رجال المقاومة الفلسطينية بدقة عن قرب على مدار ((25))عام ، خاصة فصائل حماس والجهاد الاسلامي وكل الفصائل التي تنطلق من عقيدة القرآن الكريم ، وحتماً مرت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التالية:
(((مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)))سورة الأحزاب
((وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ))آل عمران126
((وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين))البقرة190
((( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ)))القصص5-6
حديث النبيﷺ: (((أفضلُ الشهداءِ : الذين يُقاتِلونَ في الصفِّ الأولِ فلا يلْفتونَ وجوهَهم حتى يُقتلوا ، أولئك يتَلَبَّطونَ-يتنعمون- في الغَرفِ العُلى من الجنةِ ، يضحكُ إليهم ربُّك ، فإذا ضحِك ربُّك إلى عبدٍ في موطنٍ فلا حسابَ عليه))). المحدث : الألباني ، المصدر : صحيح الجامع 1107 و خلاصة حكم المحدث : صحيح
حديث النبي ﷺعندما سُئِلَ أيُّ الأعمالِ أفضَلُ ؟ قالَ : (((إيمانٌ لا شَكَّ فيهِ ، وجِهادٌ لا غلولَ فيهِ وحجَّةٌ مبرورةٌ .. وقيلَ فأيُّ الجِهادِ أفضلُ ؟ قالَ : من جاهدَ المشرِكينَ بمالِهِ ونفسِهِ ، قيلَ : فأيُّ القتلِ أشرفُ ؟ قالَ : من أُهَريقَ دمُهُ وعُقِرَ جوادُهُ))). أخرجه النسائي واللفظ له، وأخرجه أبو داود ، وأحمد باختلاف يسير،وصححه الألباني.
ومعنى العَقرُ :القتلُ أو قطعُ الأرجُلِ، وفي هذا إشارةٌ إلى الإقدامِ في القِتالِ حتَّى الشهادةِ أو النصرِ.
وآيات الجهاد في سبيل الله كثيرة تملأ جنبات القرآن الكريم .
آيات الجهاد نصف القرآن المدني
لقد شغلت الآيات الجهادية حيزاً كبيراً يبلغ نصف القرآن المدني ، وقد شرع الله الجهاد للدفاع عن النفس ، ونصرة الحق ، ودفع العدوان ، وإعلاء كلمة الله.
لماذا نجحت المقاومة؟
إن الحكم الذي صدر من الخبير الاسرائيلي د.مردخاي كيران يُجيب على هذا السؤال الاستراتيجي للجيوش العربية والمسلمة. إنها العقيدة القتالية الربانية التي تجعل المسلم منتصراً في كل حالاته : الجهاد في سبيل الله ..إما النصر أو الشهادة .
رسالة الى الجيوش العربية.. الواقع يؤيد نظرة الاسرائيلي د.مردخاي كيران
منذ “7 اكتوبر2023م – طوفان الأقصى” وحتى تاريخ اليوم 06-06-2024م ، مرت ثمانية أشهر على حرب غزة المُحاصرة من كافة الجهات ، وليس لهم مدداً أو ناصراً عربياً أو مسلماً أو من أي جهة في العالم ، ومازالت غزة صامدة ومقاومة ، وشعبها صامد رغم مرارة الألم وسخونة الجراح والفقد . بينما فشلت اسرائيل وجيشها “الذي لايُقهر” ومعها أمريكا بكل عدتها وعتادها وطائراتها وصواريخها ، بل ومعهم قوى الغرب كله يمدونها بكل ما لديهم من اسلحة فتاكة وثقيلة وحارقة ، فأحرقوا الأرض والأخضر واليابس في غزة ، وأحرقوا عشرات الألاف من الشعب بأطفاله ونساءه وأراضيهم وبيوتهم على رؤوسهم ، لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق أي هدف استراتيجي من أهدافهم المعلنة ، فلم يحرروا أسرى ولم يقضوا على حماس والمقاومة الفلسطينية في غزة . بينما في خمسة أيام فقط (((5 أيام))) استطاعت اسرائيل عام1967م من اجتياح “غزة كاملة” بالإضافة الى اجتياحها “صحراء سيناء كاملة” واصبحت على الضفاف الشرقية لقناة السويس ، كما احتلت هضبة الجولان الاستراتيجية في سوريا ، واحتلت الضفة الغربية وبيت المقدس ومسرى النبي محمد ومهد المسيح عيسى عليه السلام .. وواحزناه على الجيوش العربية …!
وهذا يؤيد نظرة الخبير الاستراتيجي في المخابرات الاسرائيلية د.مردخاي كيران.
إنها رسالة المحبين بحق الى القادة السياسيين والعسكريين ، حيث لم تنتهي الحرب العربية الاسرائيلية ، حيث لازال الشعار الإسرائيلي من البحر الى النهر لإسرائيل الكبرى .. إنه حلم الصهيونية الذي يسعون لتحقيقه على حساب العرب والمسلمين .
فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44)غافر
(((وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ..)))
د.محمد النجار 06-06-2024م فجر الثلاثاء(18)29 ذوالقعدة1445هـ (طوفان الاقصى244)