بين الحقيقة والتمثيل: هل ما يجري بين إيران وإسرائيل وأمريكا حرب فعلًا أم مسرحية محبوكة؟

بقلم / حسن السعدني
على مسرح الشرق الأوسط، طلّ علينا مؤخرا مشهد دامٍ، تتبادل فيه إيران وإسرائيل الضربات، وتلوّح فيه الولايات المتحدة بقبضتها حينًا، وبغصن الزيتون حينًا آخر.
لكنّ خلف كل ضربة، وكل تصريح، وكل تهديد، يكمن سؤال يتردد على ألسنة الشعوب:
هل ما نشهده صراع وجودي؟ أم مجرد تمثيلية دولية لضبط الإيقاع السياسي؟
حرب تُدار من خلف الستار
ما يجري بين إيران وإسرائيل، في ظل إشراف خفي من الولايات المتحدة، يبدو ظاهريًا كصراع وجودي، لكن تفاصيله توحي بشيء آخر:
-
إسرائيل تقصف منشآت نووية في قلب إيران.
-
إيران ترد بردود محسوبة، لا تهدد النظام ولا تُشعل المنطقة.
-
وأمريكا تمسك بالعصا من المنتصف: تلوّح بالقوة، وتغض الطرف حينًا، وتفتح باب التفاوض حينًا آخر.
هذا ليس مشهد حرب تقليدية، بل “حرب محسوبة بدقة”، تُدار بالطائرات المسيّرة والصواريخ الذكية، وتُنفذ بلمسة زر، لا بجيوش تزحف ولا بجبهات تشتعل.
لماذا يراها البعض “مسرحية دولية”؟
لأن سقف التصعيد واضح ومضبوط.
كل طرف يضرب… ولكن بحذر.
يتوعّد… دون أن يتخطى الخط الأحمر.
وكأن هناك اتفاقًا غير مكتوب بين الأطراف:
“لن نذهب إلى النهاية، لكن سنبقي التوتر قائمًا لنبدو على شفا الانفجار.”
لهذا، لا يراها البعض حربًا كاملة الأركان، بل مسرحية سياسية تهدف إلى:
-
تحريك المياه الراكدة في المفاوضات النووية.
-
اختبار مواقف القوى الكبرى.
-
إظهار العضلات العسكرية دون الدخول في مواجهة شاملة.
إنها حرب فعلًا… ولكن بثوب جديد
رغم كل الحسابات، هي حرب بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولكنها حرب القرن الواحد والعشرين:
-
رسائل تُطلق بصواريخ
-
تفاوض يُدار بالنار
-
صمتٌ يُترجم تهديدًا
لم تعد الحرب بحاجة إلى احتلال أرض، بل إلى إحداث صدى إعلامي، وفرض واقع جديد من خلال ضربات مدروسة وتأثيرات اقتصادية وسياسية بعيدة المدى.
مَن يتحكم في الإيقاع؟
في هذا المشهد، تلعب الولايات المتحدة دور المايسترو:
-
تراقب عن قرب.
-
تتدخل حين ترتفع النغمة.
-
وتعيد توازن الإيقاع حين يُوشك على الانفجار.
إدارة ذكية لصراع معقد، حيث لا أحد يريد الانتصار الكامل، ولا أحد يحتمل الخسارة الشاملة.
خاتمة: العرض مستمر
سواء رأينا ما يجري حربًا أو مسرحية، فإن الحقيقة الأهم هي أن الشرق الأوسط أصبح ساحة لصراع متعدد الأوجه، تُكتب فصوله بالنار والكلمات، وتُرسم حدوده من خلف الستار.
إنها حرب… لكنها ليست كأي حرب.
وهي تمثيلية… لكنها ليست بلا ثمن.