احدث الاخبار

تأمُلات مُسافر (٣) التنوع .. بقلم : الدكتور أمين رمضان

 

 

صورة تعبيرية

أينما ولى الإنسان ناظريه، ظهر له التنوع في الحياة بصورة مبهرة، تنوع في الزمان والمكان والمخلوقات، تنوع يبهر أولي الألباب، والمتأمل في التنوع يجده في العالم غير المادي (المعنوي)، كما هو في العالم المادي سواءاً بسواء، ولولا هذا التنوع ما كانت حركة الحياة ولا السياحة في الأرض والكون.

 

وكلما كان التباين في التنوع كبيراً تزداد معه متعة الإنسان، ويزداد إحساسه بجماله، ويراه كأنه سيمفونية ربانية، تخاطب الفطرة الإنسانية، بلغة الأرواح والبصائر، وليس بلغة العقول والقلوب فقط، لغة مفرداتها آيات وإبداع مبثوثة في كل مكان، لعل الإنسان يستيقنها، وتذوب روحه فيها، لتعيش في رحاب خالق التنوع ومبدعه، إبداع يعجز عنه البشر.

 

كان ذلك لسان حالي عندما هبطت الطائرة في مطار كوالا لامبور بماليزيا يوم ٢٦ أغسطس ٢٠١٧، وأنا أنظر خارج الطائرة لأجد الخضرة في كل مكان، والأمطار تسقط من السماء بغزارة شديدة، كأنها تسقط من صنابير ضخمة، والحياة تسير والناس يتحركون كأنهم جزء من هذه اللوحة الربانية الجمال.

 

خرجنا من الطائرة وكأننا خرجنا من صحراء الجزيرة ورمالها الصفراء، وحرها القائظ ولونها الأصفر، الذي عشنا فيها أكثر من ثلاثين سنة، وكأن الخروج ولادة جديدة في عالم النبات الأخضر بكل تنوعاته، والسماء الممطرة في أغلب الأوقات، فاجتمع الماء والخضرة والوجه الحسن وبراءة الطفولة، منذ بداية الرحلة، ودبت في النفوس طاقة حركت الأرواح قبل أن تتحرك الأقدام.

 

كانت النقلة من البيئة الصحراوية بكل ما فيها من جفاف إلى البيئة الاستوائية بكل ما فيها من أمطار، شديدة التباين في النفس، ولولا أن الكرة الأرضية مائلة بزاوية صغيرة، وتدور حول نفسها وحول الشمس، ويدور حولها القمر، ما كانت الحياة كما هي الآن، وربما استحالت أصلاً، فالحركة ولدت التنوع أو ولدت الجمال والجلال، وبثته في عالم المادة وعالم المعاني، لتكون الأرض مهداً لعالم الإنسان، صاحب العقل القادر على استخراج المعاني من عالم المادة الحي، لعله يسجد لخالق الحياة.

 

وكما كان التنوع في الطبيعة، كان التنوع الإنساني في ماليزيا عالم آخر.

لم يكن التنوع من أجل التنوع، بل من أجل التكامل، وهذه الغاية لها حديث آخر بإذن الله.

الدكتور أمين رمضان
aminghaleb@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.