ثورة رمضان الروحية (13) شباب ضائع .. كالأنعام بل هم أضل
مستقبل الأمة مرهون بالتربية الصحيحة للأبناء
بقلم / الدكتور محمد النجار
تحزن عندما تمشي في شوارع بعض الدول العربية والاسلامية ليلاً خاصة في شوارع شهر رمضان ، فترى أطفالاً في أعمارهم الغضة وشباباً في ريعان الشباب يجلسون في الشوارع والطرقات ليسوا في أشغال تدر عليهم أموالاً ينتفعون بها مع عائلتهم الفقيرة ، وليسوا في المساجد لصلاة العشاء والتراويح.
كأنهم حيوانات مخدرة لا ضابط ديني أو أخلاقي
وحتى بعد منتصف الليل لازالوا في الشوارع يتسكعون ، وفي الطرقات ضائعون يخترق سمعك سبابهم للدين والعياذ بالله العظيم وتتلوث أذنك بألفاظهم النابية القذرة ، وتجمعاتهم المنحطة لتعاطي الدخان والمخدرات ثم اختلافهم مع بعضهم .
لو تنطق الحيوانات لصرخت في وجوههم
ثم الخناقات وضربهم لبعض في الشوارع ، وتتجمع الناس حولهم لتسليكهم من بعضهم وتحرير الشارع من فوضيتهم، أقسم أن الحيوانات لو كانت تنطق لاعترضت على تصرفاتهم ، ولعنتهم بأعلى أصواتهم.
آباء وأمهات ألقوا بأبنائهم لتربية الشارع
وهنا تتسائل أين آباء وأمهات هؤلاء الأطفال والشباب؟ كيف يسمح الأب والأم بغياب اولادهم طوال الليل يسهرون في الشوارع؟
من أين يأتي هؤلاء الاطفال والشباب بأموال يجلسون بها على المقاهي؟؟ التي اصبحت في مصر مرتفعة الثمن فيما تقدمه من مشروبات مشروعة وربما غير مشروعة ؟ وسهر طوال الليل.
مسئولية متبادلة بين الأباء والأبناء
إن ضياع الاولاد في الحياة الدنيا ناتج عن ضياع الأب والأم لمسئوليتهم تجاه أبناءهم
فإذا كان الله سبحانه وتعالى قال في حقوق الأباء على أبنائهم :
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا…..)
فقد قال سبحانه وتعالى في حقوق الأبناء :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ…. ) سورة التحريم الآية 6
الله يسأل لأب عن إبنه قبل أن يسأل الولد عن أبيه
إن بر الوالدين لأبنائهم بالتربية الصحيحة على الدين والأخلاق ومعرفة حقوق الآخرين أنما هو واجب شرعي أمام الله ، وسينتج عنه بر الأبناء بوالديهم الذين أدوا رسالتهم تجاههم بالتربية السليمة والبر بهم.
إنها نتائج ومقدمات ، تبدأ بقيام الوالدين برسالتهم مع أبنائهم ، فتكون النتيجة هي بر أبنائهم لهم .
قال ابن القيم رحمه الله: إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده؛ فإنه كما أن للأب على ابنه حقا فللابن على أبيه حق،
فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا.
مستقبل الأمة مرهون باهتمامها بمستقبل أطفالها وشبابها
لقد حافظ الإسلام على تنشأة الأبناء وتربيتهم ، فاطفال اليوم هم رجال ونساء المستقبل ، وإن الأمة التي تفرط في تربية أطفالها ، فقد دمرت مستقبلها ، وحكمت على نفسها بالجهل والفناء ، فإن حماة الوطن هم الرجال والنساء الذين اهتم الوطن بتربيتهم وتعليمهم والمحافظة على صحتهم حتى يكونوا أقوياء يدافعون عن الوطن إذا تعرض لاعتداء ، وإن مستقبل منطقتنا العربية مرهون بمدى محافظتنا على اطفال وشباب الأمة وإعدادهم ليكونوا رجال ونساء أصحاء إيمانيا وعقليا وبدنيا .
القدر الواجب شرعا على الأباء في تربية أبنائهم
يهتم كثير من الأباء والأمهات فقط بالمظهر العام لأبنائهم سواء في إطعامهم وملابسهم ، وهذا الإهتمام يشترك فيه الإنسان والحيوان ، بينما تختلف تربية الأبناء عن تلك الحيوانات التي نراها في الشوارع تسرح وتمرح ولا ضابط ديني أو أخلاقي يحكم تصرفاتهم وتحركاتهم.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
“يُؤَدَّبُ الصَّبِيُّ بِالأْمْرِ بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرَاتِ بِالْقَوْل ، ثُمَّ الْوَعِيدِ ، ثُمَّ التَّعْنِيفِ، ثُمَّ الضَّرْبِ، إِنْ لَمْ تُجْدِ الطُّرُقُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَهُ”.
وجاء فيها أيضا: عَلَى الآْبَاءِ، وَالأْمَّهَاتِ، وَسَائِرِ الأْوْلِيَاءِ تَعْلِيمُ الصِّغَارِ مَا يَلْزَمُهُمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ، فَيُعَلَّمُ الصَّغِيرُ مَا تَصِحُّ بِهِ عَقِيدَتُهُ مِنْ إِيمَانٍ بِاَللَّهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، وَمَا تَصِحُّ بِهِ عِبَادَتُهُ، وَيُعَرِّفُهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِصَلاَتِهِ وَصِيَامِهِ وَطَهَارَتِهِ وَنَحْوِهَا، وَذَلِكَ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ. وَيُعَرِّفُهُ تَحْرِيمَ الزِّنَا وَاللِّوَاطِ، وَالسَّرِقَةِ، وَشُرْبِ الْمُسْكِرِ وَالْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَشَبَهِهَا، كَمَا يُعَلَّمُ أَنَّهُ بِالْبُلُوغِ يَدْخُل فِي التَّكْلِيفِ، وَيُعَرَّفُ مَا يَبْلُغُ بِه. وَقِيل هَذَا التَّعْلِيمُ مُسْتَحَبٌّ، وَنَقَل الرَّافِعِيُّ عَنِ الأْئِمَّةِ وُجُوبَهُ عَلَى الآْبَاءِ وَالأْمَّهَاتِ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ”.
معاناة الدول الكبرى من الشيخوخة وندرة الشباب
تمتلك بعض الدول العربية والإسلامية مثل مصر مخزونا كبيرا من الشباب لكن بدون تربية وتعليم وبدون إعدادهم وتجهيزهم وإشراكهم في التنمية الاقتصادية ، مما يضيع على الدولة فرص هائلة لمشاركتهم في الانتاج والتنمية والنهوض بمستقبل الدولة. في الوقت الذي تعاني فيه الدول الكبرى من الشيخوخة وندرة الشباب نتيجة الإنحرافات الأخلاقية وإباحة الفاحشة والعري.
أخيرا ..
نهيب بالحكومات بما يلي :
- الاهتمام بتوعية الآباء والأمهات بأبنائهم ، وإعداد دورات تربوية لهم حتى يستطيعوا النهوض باجيال جديدة واعية دينيا وعلميا ووطنيا .
- الاهتمام بالتعليم في كافة مراحلة بالموازنة بين التعليم والتربية
- الارتقاء بمستوى المدرسين وتأهيلهم نفسيا وتربويا .
- رفع رواتب المدرسين واعضاء هيئات التدريس بما يكفيهم ولا يضطرون للدروس الخصوصية وإرهاق أولياء الأمور بالدروس الخصوصية فضلا عن المصاريف الدراسية
- تخفيض الرسوم الدراسية لأقل حد ممكن حتى يلتحق كل ابناء الوطن بالتعليم.
- اختيار المسئولين عن التعليم من داخل المؤسسات التعليمية والمشهود لهم بالكفاءة التربوية والتعليمية والوطنية.
- محاسبة المقصرين في أداء واجبهم ابتداء من المسئولين الكبار مثل الوزير وحتى نهاية سلم المسئولية التعليمية .
إن الأمانة الوطنية والإيمانية تقتضي أن نقرر أن شباب بلا مستقبل يعني أمة بلا مستقبل ، والمسئولية تقع على ولي الأمر .
نسأل الله أن يرزق الدول العربية والاسلامية بمسئولين يخافوا الله في أوطانهم وأبناء شعبهم ويؤدون واجبهم أمام الله ثم أمام أبناء وطنهم
د.محمد النجار 17-04-2023 الأثنين 26 رمضان1444هـ