أراء وقراءات

أم تشكو ظلم أبنائها

بقلم/خالد طلب عجلان

أفنيت عمري أعمل على ماكينة الخياطة إنحنى ظهري ..وضعف بصري ..والشيب غمر ملامح وجهي.

مات زوجي وترك لي من الأطفال ثلاثة.

لا دخل لنا عانيت وعانيت..ثم عانيت ..من أجل تربيتهم وتعليمهم لا يعلم الجار هل لدينا زاد أم لا..

لم أمد يدي ولم أطلب مساعدة يوماً قط..

لم أطرق باباً لأقترض هامتي وقامتي وعزة نفسي حالت بيني وبين الإنكسار…

عشت مرفوعة الرأس شامخة كالجبال الرواسي ..

عاندتني  الحياة في معظم أوقاتها أخذت مني الكثير وأعطتني القليل…

كان همي أولادي.. هم كل أملك..ولا أملك غيرهم

بعت قيراطي لأشتري ماكينة الخياطة..تخليت عن كل ملذات الحياه..وتحليت بالصبر وتصديت لكل محاولات الفشل..وتظاهرت في معظم الأحيان بالقوة لأكمل المشوار…

عشرون عاماً وأكثر من العمل والشقاء ودافعي هو الأمل في البقاء..

تخرج أولادي من الجامعات وتزوجوا …

ونسوا وتناسوا..كل جميل صنعته وكل معروف قدمته

وكل أيام الشقاء…

نسوا دمعتي وحزني وشقائي وأيام الحرمان ..

حرمت نفسي من كل شئ.. وأي شئ من أجلهم

ظننت يوما أن هذا زرعي الذي سأحصدة ..في يوماً أكون فيه في أشد الأحتياج…

لم تعد قدمي تحملني لم تعد أذني تسمعني لم يعد في العين البصر ..وكيف أكمل أيامي وحيدة في غرفة تركوني في عز حاجتي ودموعي لم تجدي ..

بقساوة ..وقلب أبغض وبدون ذنب..لم أفعل…

وضميري وقلبي وسنيني وخيال الماضي يحدثني.

هل أخطأت في صنع جميلي.

أين همسات ودقات قلبي ودموع عيني تغرقهم وبين أحضاني أخبيهم …

لم أبخل يوما بجهد والواقع والماضي والحاضر ..شاهد

والماكينة…. رفيقة دربي تخبرهم ..كم من العمر قضيت وشبابي ومرارة الأيام ..وأفنيت حياتي عن حب..

والأن أعيش وحيدة

في غرفة على السطح وأغراب سكنوا مابنيت …أغراب ومالي ومال الأغراب ..فولدى وكبدي ونور عيني ..جفاني فما بال الغريب بفعله..لا أبالي .

علمت وأطعمت وكسوت ورسمت الفرحة لهم جميعاً.

وأنا.. لا قوت اليوم يكفيني ولا دينار ولا درهم في جيبي.

وأولادي يعيشون في متعة ونزهة .

ودوائي لمرضي لا يأتيني.

جلبابي منذ أعوام لا أغيره ..وشالي القطيفة يسترني..

لم يأتوا لي بثمره. وثماري وخيري تنمو لغيري

لا لا أدعوا عليهم فمازال رجالي أطفال في عيني..

مازالت أحمل همهم.. وهمي لايشغل بالهم..

مازالت حنونة عطوفة ..ولا عاد بي وبهم الزمن لفعلت

وبذلت وأعطيت ..بدعاء الشر مادعيت..

لا يقدر قلبي على القسوة..لاتقسوا أم علي ولدا..وإن عاق..مازالت أبتسم بشفاة جفت ودموع جفت وعيون بهتت .

مازلت حية من أجلهم يسعدنى سماع صوتهم..وصوتي نفير وزمير ..وكلامي هوس المجنون ..

وصمتي يزعجهم مع أني طويت على نفسي وغلقت أبواب ونوافذ ..وتركت الدنيا وما فيها..

أخاف من موت الغفلة ..من يغسلني من يحملني ويذهب إلى قبري فوق الأعناق..

من يدعوا لي بعد رحيلي ويرفع يده في الأفاق.

سيدتي الفاضلة ..اعتذر لك عن نفسي وبقلمي أكتب ما قولتي وشهادة أمام العالم صدقت كل ماقلتي وحنيت رأسي لك عظمة وعزة وفخر ..بفعلك أنتي الرابحة.

والخاسر من ترك وأبتعد ..بقربك تكتمل العزة ..وبعادك يصغر صورهم وأن علوا بدونك ذلة ومهانة…

سيدتي صنعتي المعروف لغير أهله.. وأهلك من ترك رضاكي…

سيدتي ستظل الصورة باقية وسيندم ويندم ويندم

في يوما  ..من عاق ومن نسى ومن تركك بين السماء والأرض لك رب والرب رؤف بالعباد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.