أراء وقراءات

مدينة خليل الله .. تأملات للسفير الدكتور أشرف عقل

الحرم الإبراهيمي

تعتبر مدينة الخليل من المدن الشرق أوسطية القليلة التى حافظت على استمرارية الإستقرار البشرى فيها على مر العصور على الرغم من عمليات التهجير المستمرة والتدمير التى تعرضت لها . وقد يكمن السبب وراء ذلك فى قدسيتها المميزة من جانب وموقعها الإستراتيجى والخصب من جانب آخر .

وتقع المدينة على بعد حوالي 30 كم إلى الجنوب من مدينة القدس وترتفع عن سطع البحر بحوالي 950 مترا مما يجعلها من أعلى مدن المنطقة ، كما أنها من أكبر مدن الضفة الغربية من حيث عدد سكانها ، وهى من أهم المراكز الصناعية والتجارية والزراعية الفلسطينية .

وقد ارتبطت شهرة المدينة بأبى الأنبياء سيدنا ابراهيم الخليل عليه السلام الذى حط ترحاله فيها وأثر على تطورها لتحمل بعد الفتوحات الإسلامية إسمه وحتى الآن ( خليل الرحمن ) أو ليختصر الإسم لاحقا إلى ( الخليل ) . وقد أختارها نبى الله لتكون مدفن زوجته سارة ومدفنه من بعد لتتبعه ذريته وهم سيدنا إسحق وسيدنا يعقوب وزوجاتهما لتحاط هذه الجمهرة من القبور على يد هيرودوس الملك بسور شامخ عظيم البنيان قاوم الدهر والحروب والدمار إلى يومنا هذا .

ويوجد بها الحرم الإبراهيمى الذى يعد أقدم بناء مقدس فى العالم مازال مستخدما حتى اليوم ودون انقطاع تقريبا . وعلى الرغم من ضخامة البناء وعمره المديد الذى يزيد على ألفى عام ، وعلى الرغم من تعرض المدينة للعديد من الزلازل الشديدة فلم يفقد المبنى رشاقته ولا تبدو عليه علامات الثقل ولم يتعرض إلى ضرر يذكر يقتضى ترميمه ، فقد حافظ على إستقراره بوضع جيد يدعو للعجب وأما الحجارة التى شيد بها فهى شديدة التهذيب .

وأما الأصول العرقية لسكان المدينة فعلى الرغم من وقوع الكثير من القصص العائلية تحت الأساطير التاريخية ، فإن هناك جزءا ليس بالقليل من السكان الذين ترجع أصولهم إلى الأصول العربية قبل الإسلام مثل قبيلة لخم أجداد التميمية وأصول كردية وأصول عربية مثل الجعابرة من قلعة جعبر على الضفاف السورية من نهر الفرات وأصول مغربية وتركية . كما هاجرت إلى الخليل عائلات من مدن فلسطينية مختلفة مثل القدس وعسقلان أو من جبل الخليل مثل دورا ويطا . وانضم إلى السكان بعد نكبة عام 1948 عدد غير معروف من اللاجئين الذين سكنوا المدينة واختلطوا بأهلها ، حيث لم ينشأ أى مخيم للاجئين فيها على عكس كل مدن الضفة الغربية وقطاع غزة ، وأخيرا استقرت فى المدينة أعداد متزايدة من سكان حبل الخليل وكذلك من العائدين إلى فلسطين بعد عام 1993 .

 

مختارة من صفحة 
السفير اشرف عقل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.