وفاة مبارك .. والتخبط الإعلامى
بقلم / اللواء بهاء البجاوي
منذ الحظات الأولى للإعلان عن وفاة الرئيس مبارك مروراً بإعلان الحداد الرسمى بالدولة ومراسم الجنازة العسكرية للفقيد وحتى ما بعد الإنتهاء من مراسم العزاء الرسمى بمسجد المشير.. فوجئنا بمشهد اعلامي في غاية الارتباك والتخبط مما يكشف عن تدني مستوى المهنية في الرسالة الإعلامية.
فقد شاهدنا فى الساعات الأولى ( تخبط ) واضح لجميع وسائل الإعلام وخاصة الفضائيات فى طريقة التعامل مع الخبر ما بين تجاهل واهتمام، دون توضيح رؤية واتجاه القناه أو المذيع لتفاعله مع النبأ والتأرجُح مابين ( الحزن) و ( التشفى ).. وما بين ذكر بطولاته وإنجازاته وبين التركيز على مساوئ حكمه.. والجميع منتظر التوجه الرسمى للدولة.. وفور إعلان الدولة والقوات المسلحة نعى الرئيس مبارك كقائد عسكرى من قيادات حرب أكتوبر واعلان الحداد وإقامة جنازة عسكرية وهذا ما توقعناه جميعا من رئيس محترم ومؤسسة عسكرية وطنية تحترم قادتها .. إذا بجميع مذعي الفضائيات يهرولون بإعلان حزنهم الشديد على هذا الرجل والقائد والزعيم والوطنى والمخلص.. و.. و.. و…. وكأنهم يريدوا فقط ان يثبتوا للمسؤول عن الإعلام أنهم يلتزمواوا بالتعليمات ليحصلوا على رضا هذا المسئول
وعلى الرغم من أن هناك مذيعين معروفين ( ولن أُطلِق عليهم صفة إعلاميين ) كانوا منذ بداية ثورة يناير وهم يتعاملون مع مبارك تحت شعار ( وكان هولاكو رُجلاً ظالماً ) وعلى مدار السنوات الماضية وبالصوت والصوره وبرامج مذاعه ومسجله على اليوتيوب، طالما إنهالوا عليه بتهم نالت من شرفه العسكرى والمالى والأدبى والتاريخى ووصفوه بأفظع الألقاب.. إذا بهؤلاء تحولوا فجأة إلى المحبين والمُريدين والباكين على رجل من أعز الرجال ومن أهم قادة وزعماء التاريخ مع التركيز على كل إنجازاته فقط وكأن فجأة أصبح ليس لفترة حكمه أى سلبيات أو مساوئ..
وعلى جانب آخر.. نرى مذيعات فى بعض الفضائيات ترتدى الملابس السوداء أثناء نقل إذاعة مراسم الجنازة العسكرية ولكن انطباعات وملامح وجهها تعتليها شيئ من البهجه!!!
واكتمل المشهد ( المُذرى ) أثناء مراسم تلقى العزاء بمسجد المشير حيث شاهدنا رموز قادوا الهجوم على مبارك بعد سقوطه ( وخاصة رموز صحفية) يقدمون واجب العزاء وكأنهم حضروا للتوقيع فى دفتر سيطّلع عليه بعض المسؤلين عن تقييم بقاؤهم فى مناصبهم من عدمه .. والأغرب والمضحك و( شر البلية ما يضحك ) ظهور بعض رموز الإعلام الرياضى وهم يرتمون فى أحضان نجلىّ مبارك وهم يتباكون وكأنهم واقفون أمام حائط المبكى. وهو ما ينطبق عليه بالضبط ما يسمى ” العُهر الاعلامي.
ويتمثل هذا العُهر الإعلامي فى محورين:
اولا : فى ( اللامهنيه) الإعلامية والتى وضحت فى عدم الإلتزام بمبادئ وقناعات القناة أو الإعلامى بتاريخ أو سياسة هذا الرئيس أو القائد والتحول والتلون المفاجئ بهذا الشكل المُقزز..
ثانيا : النفاق الذى فاق كل حدود العقل البشرى فالجميع ارتكب جريمة فى حق الوطن.. لأننا إذا كنا لا نشاهد أنفسنا.. فيجب ألا نتناسى أن العالم يشاهدنا ويأخذ عنا أفكار سيئة مبنية على تصرف هذا الإعلامى أو تلك القناة…
يا سادة يا كرام.. إنها مِصر التى علمت العالم وخاصة العربى والإفريقى مبادئ وأخلاقيات الرسالة الإعلامية.. فإذا كنتم غير قادرين على تحمل المسؤلية فإننا نناشدكم ألا تتعمدوا بجهلكم تشويه هذه الصورة الجميلة..
بأعشق ترابك يا مصر