ثورة رمضان الروحية (11) ..زكاة الفطر وأثارها الاجتماعية
بقلم / الدكتور محمد النجار
ودعنا رمضان منذ ساعات ، وكما شرع الله لنا صيام رمضان ، شرع لنا عيد الفطر ختاما للصيام والقيام .
زكاة الفطر طهرة للصائم ، وطعمة للمساكين
كما شرع لنا الله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث ، في نفس الوقت طُعمة للمساكين .
والزكاة في اللغة معناها : النماء والزيادة والبركة.
وقد ورد عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(((فَرَضَ رسولُ اللهِ صدقةَ الفطرِ ، طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ والرَّفثِ ، وطُعْمَةً لِلْمَساكِينِ، فمَنْ أَدَّاها قبلَ الصَّلاةِ “صلاة الفجر”فهيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، ومَنْ أَدَّاها بعدَ الصَّلاةِ فهيَ صدقةٌ مِنَ الصَّدَقَات))
حكم زكاة الفطر
يرى علماء المسلمين أن زكاة الفطر فرض على كل مسلم ، ودليلهم من القرأن الكريم قول الله تعالى :
((قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)) ، وقوله:
((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)).
ودليلهم من السنة على وجوب زكاة الفطر حديث ابن عباس السابق: ((فَرَضَ رسولُ اللهِ صدقةَ الفطرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ والرَّفثِ وطُعْمَةً لِلْمَساكِينِ)).
زكاة الفطر القادر على أداءها وأولاده
وأجمع علما الأمة على أن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم يمكنه أداءها عن نفسه وأولاده الأطفال الذين لايملكون مالا . عن ابن عمر رضي الله عنهما: (((فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين: حر أو عبد، أو رجل أو امرأة، صغير أو كبير))).
وقال ابن قدامة في “المغني“: “وجملته أن زكاة الفطر تجب على كل مسلم مع الصغر والكبر والذكورية والأنوثية في قول أهل العلم عامة، وتجب على اليتيم ويخرج عنه وليه من ماله، وعلى الرقيق”.
شروط زكاة الفطر
توجد ثلاثة شروط لزكاة الفطر :
1. الإسلام: لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين: حر أو عبد، أو رجل أو امرأة، صغير أو كبير”،
2. الغنى :ومعنى الغنى هنا ليس الإنسان الذي لديه مال كثير ، وإنما المسلم الذي لديه يوم العيد وليلته صاع زائد عن قوته وقوت عياله وحوائجه الأصلية بمعنى الذي لديه قوت يومه فقط.
3. دخول الوقت : وقت وجوب إخراج زكاة الفطر وهو غروب الشمس من ليلة الفطر، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق الذكر: “فَرَضَ رسولُ اللهِ صدقةَ الفطرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ والرَّفثِ وطُعْمَةً لِلْمَساكِينِ.. إلخ”.
وقت إخراج زكاة الفطر
يشير حديث النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن إخراج زكاة الفطر يجب أن يكون قبل صلاة العيد.
ولا يجوز تأخير إخراج زكاة الفطر بعد صلاة العيد، تبعا لحديث ابن عباس السابق الذي يشير الى أن وقتها كزكاة فطر قبل صلاة العيد ، فإذا تأخرت عن تحولت من زكاة فطر الى صدقة من الصدقات.
(((فمَنْ أَدَّاها قبلَ الصَّلاةِ فهيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، ومَنْ أَدَّاها بعدَ الصَّلاةِ فهيَ صدقةٌ مِنَ الصَّدَقَات)))
أراء في وقت الخروج قبل العيد بيوم أو أكثر :
أما خروجها قبل العيد بيوم أو يومين محل خلاف ، ففي رواية تقول: بوجوب خروجها قبل الصلاة دون تحديد، مثل حديث ابن عباس السابق، أما حديث ابن عمر: ((وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة)).
وجاء في رواية أخرى من حديث ابن عمر: ((وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين)).
مقدار زكاة الفطر
وردت الأحاديث في مقدار زكاة الفطر ، منها حديث ابْنِ عمر رضي الله عنهما قَالَ: ((فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ))
وحديث أبي سعيد الخدري: (((كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ))).
مقدار الصاع
حدد العلماء مقدار الصاع بأربع حفنات بكفي الرجل المعتدل.
و حددت اللجنة الدائمة للبحوث العملية والإفتاء بالسعودية مقدار الصاع أكثر عندما قالت:
(((المقدار الواجب في زكاة الفطر عن كل فرد صاع واحد بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، ومقداره بالكيلو “ثلاثة كيلو تقريبا”))).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يخرجون زكاة الفطر من الطعام أو الشعير أو التمر أو الأقط أو الزبيب.
هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا
هناك خلاف : فيرى بعض العلماء بعدم جواز اخراج زكاة الفطر نقدا.
ويدعو بعض العلماء المعاصرين إلى جواز إخراج الزكاة نقدا..
ومن دون الدخول في التفاصيل.
الآثار الاجتماعية لزكاة الفطر
لا يخفى على أي عاقل تأثير إخراج زكاة الفطر في المجتمع ، فلم يفرض النبي صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر إلا لحكمة بالغة لصالح المُزكي ولصالح المُتلقي لها .((صدقةَ الفطرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ والرَّفثِ وطُعْمَةً لِلْمَساكِينِ)).
ولا شك أن زكاة الفطر تُجبر ما حدث من الصائم من خطأ و غفلة.
وقد ذهب وكيع ابن الجراح إلى أن زكاة الفطر لشهر رمضان كسجدة السهو للصلاة، فتجبر نقصان الصوم كما يجبر السجود نقصان الصلاة. كما إنها تُدخل الفرحة والسرور على المساكين في يوم العيد المبارك أمر عظيم له أثر بالغ في النفوس المؤمنة ودور بارز في إسعاد ، وتعالج القلوب وتخلصها من الضغائن والأحقاد التي تعتري المجتمعات التي تسودها الأنانية والأثرة واستئثار فئة محدودة للغاية بثروات الأمة بينما حولهم الفقراء يتضورون جوعا وفقرا ومرضا وجهلا .
حقا .. إن زكاة الفطر ثورة في رمضان لمعالجة امراض المجتمع .
د.محمد النجار
الاثنين اول شوال 1443هـ
الموافق 2 مايو 2022م