إن الله يغار
ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال:” إن الله يغار ، وإن المؤمن يغار ، وغيرة الله عز وجل أن يأتي المؤمن ما حرم عليه”.رواه البخاري مسلم.
حديث عظيم يضع منهجا قويما للفرد والمجتمع في تزكية وتهذيب وإصلاح النفوس والمجتمعات.
يحذر الله العباد والمجتمعات من عواقب الذنوب والآثام لأنها تستوجب غضب الله وإنزال العذاب بالناس.
ما أجمل ما قاله أبو الحسن المزيني : الذنب بعد الذنب عقوبة الذنب ، والحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة.
ومن أعظم محارم الله التي حرمها وغلظ أشد التغليظ لمن تعاطاه جريمة “اللواط” تلك المعصية التي تطلق عليها “كبيرة” اعظم شأنها عند الله.
اللِّواط في اللغة هو اللُّصوق ، و لاطَ الرجلُ لِوَاطاً و لاوَطَ ، أَي عَمِل عَمَل قومِ لُوطٍ أي وطء الدُّبُر ، و سُمي لواطاً لالتصاق اللواطي بالملُوطِ به ، أو لأنه فعل قوم لُوط .
و اللواط هو الإتصال الجنسي بين ذكرين ، و هو نوع من أنواع الممارسات الجنسية الشاذَّه التي تسبب أضراراً بالغة الخطورة على الصعيدين الفردي و الاجتماعي فضلا عن كونها كبيرة من الكبائر.
ولننظر كيف صور القرآن هذه الجريمة البشعة ووصفها بأبشع الصور وذم ووبخ من فعلوها:
قال الله تعالى:” ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين * إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون * وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون * فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين *وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين } ((الأعراف 80 ـ 84 )).
وقال تعالى : { ولما جاءت رسلنا لوطا سيئ بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب … } (( هود 77 ـ 83 ))
يقول بن كثير في تفسير الآيات السابقة ( أن لوطا عليه السلام حذر قومه من عاقبة فعلهم ذلك ، وأن الله سيعاقبهم على جرمهم وفعلهم الفاحشة العظيمة ، ولكنهم تجبروا وطغوا ولم يذعنوا إلى أمر نبيهم لهم بل قالوا إنك لتعلم أن نساءنا لا رغبة لنا فيهن ولا نشتهيهن ، بل قالوا أفظع من ذلك وأشنع إذ قالوا : ليس لنا غرض إلا في الذكور وأنت تعلم ذلك فأي فائدة من تكرار القول علينا في ذلك .
فعند ذلك نزل بهم العذاب الأليم فألقوا من السماء الدنيا إلى الأرض وحلت عليهم لعنة رب العباد ، فلم يكن لهم من الله من ولي ولا نصير ) انتهى ملخصا .
وقال تعالى : { قال فما خطبكم أيها المرسلون * قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين * …} ((الحجر 57 ـ 77 )).
فسماهم الله مجرمين لعظيم وشناعة فعلهم.
ولما كان فعلهم شنيعا كان عاقبتهم شنيعة فالجزاء من جنس العمل فعذبهم الله سبحانه وتعالى بثلاث أنواع من العذاب: الصيحة الهائلة وجعل عاليها سافلها ثم أمطر عليهم حجارة من سجيل.
وتأتي السنة لتدعم القرآن في بيان خطورة المعاصي وهذه الكبيرة بالذات على الفرد والمجتمع :
فعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يلعنوا بها ، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ] ( رواه بن ماجة وغيره وهو حديث صحيح لغيره ) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ ملعون من عمل بعمل قوم لوط ].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به ] ( صححه الألباني ، وعند الترمذي (( أحصنا أو لم يحصنا )).
ولكن لابد من التنبيه على أنه من يقوم بهذا الحد هو”الحاكم” المنوط به تنفيذ أحكام الله في الأرض فإن لم يقم فلا يجوز للأفراد أن ينوبوا عنه حتى لا تحدث فوضى في البلاد وسفك للدماء.
وللواط أضرار دنيوية علاوة على الأضرار الشرعية منها: نزع الحياء والمروءة من قلوب من يمارسون فاحشة اللواط .ومنها احتقار من يفعل هذا الفعل القبيح من قبل أفراد المجتمع ، فلا يكون له مكانة في قلوب الناس.
ومنها كثرة المحن والمصائب التي يتعرض لها أهل اللواط .
ومن الأضرار الصحية للواط:مرض الورم الليفي التناسلي : والذي ينتشر بين اللوطيين بصورة كبيرة ، ويظهر هذا المرض على صورة قرح تنتشر في الأعضاء التناسلية ، لا سيما القضيب وفتحة الشرج.
أثبت العلم الحديث إلى أن هناك علاقة وطيدة بين اللواط ومرض التهاب الكبد الوبائي .
كما أثبت العلم الحديث أيضاً أن اللواط سبب رئيس لمرض نقص المناعة المكتسبة المسمى ( الإيدز ) أجارنا الله منه.
فهل يا ترى بعدما سمعنا كلام الله وكلام رسوله وكلام أهل الطب نرضى أن يتبجح “اللوطيون” برفع أعلامهم ومطالبتهم بحقوق”لوطيتهم”.
والله إن هذا لشئ عجاب.ما سمعنا هذا في الملة المستقيمة السوية ولكن سمعنا في الملل العوجاء والأمم التي لا ترعى حدود الله وتتجرأ على محارمه.
ألا فليتق الله كل مسلم يغار على دينه وكتابه وشرع ربه.