أراء وقراءات

جامعة إبليس وتلاميذه… حين تتحول إبادة غزة إلى مشروع تخرّج عالمي

بقلم أيقونة الاتزان/ السفير د. أحمد سمير

في ركن ما من أركان جهنم العليا (قسم الابتكار والإدارة العالمية)، يجلس البروفيسور إبليس على كرسي من جماجم الأبرياء، يراجع أطروحات تلاميذه المتفوقين من شياطين السياسة، ويفرك يديه المشتعلتين بحرارة الحماس على الطاولة أمامه التي يوجد عليها ملفات سميكة معنونة بـ: “غزة: التجربة الأعظم في تاريخ إبادة الشعوب على الهواء مباشرة”

وبينما يُقلب في الصفحات، يتنهد بإعجاب قائلاً:

“أُحِبُّ عقولكم أيها الأوغاد، أنتم حقًا جيل رائع من الفساد… مبدعون!”

قديماً، كان إبليس يوسوس فقط اليوم، صار يعطي دورات تدريبية مباشرة في الاستوديوهات، يُعلم فيها أن الإبادة لها “أُسلوب”، وأن القتل لا يكفي إن لم يكن مصحوبًا ببيان صحفي، ومن “قصة مؤثرة” للقاتل حتى لا يملّ منه الجمهور.

جامعة إبليس الدولية

غزة؟ مجرد مشروع تخرج لدفعة من “جامعة إبليس الدولية” – فرع تل أبيب – بإشراف مشترك من واشنطن، ولندن، وشراكة أكاديمية مع بعض الأنظمة المبدعة في فن التطبيع والتطنيش الدبلوماسي.

إ

هل سمعتم عن ذلك الطالب النجيب الذي اقترح تحويل غزة إلى “مختبر للعمليات البحثية “؟
كان مشروعه عبارة عن:

  • نُغلق المعابر.
  • نمنع الغذاء والدواء.
  • نُسقط القنابل على المخيمات.
  • ثم نطلب من الضحايا أن “يتفهموا الوضع” وأن “يتحلوا بضبط النفس”

نال هذا الطالب تقدير امتياز مع مرتبة الشيطنة، بل رُشح لجائزة “نوبل للقسوة”، وتمت استضافته في برنامج صباحي على قناة دولية حيث شرح كيف أن “العدالة أحيانًا تتطلب التضحية ببعض الأبرياء…
(على أن لا يكون من بينهم أي طفل أشقر أو امرأة تتحدث الإنجليزية بطلاقة)

ورشة عمل لتشويه الفلسطينيين 

في الفصل الدراسي الثاني، جاءت ورشة عمل بعنوان:
“كيف تقنع العالم أن غزة ليست موجودة؟”
شارك فيها خبراء في العلاقات العامة، ورواد في التضليل الإعلامي، وعلماء في “تسويق الجرائم على أنها دفاع عن النفس”

في هذه الورشة، تم تطوير تقنيات متقدمة لتشويه صورة الشعب الفلسطيني:

  • الطفل الذي يحمل حجرًا؟ إرهابي ناشئ.
  • المرأة التي تصرخ تحت الأنقاض؟ تُمارس الابتزاز العاطفي.
  • الشاب الذي يكتب منشورًا على فيسبوك؟ خطر على الأمن القومي!

وتحت إشراف البروفيسور إبليس، الذي قدم بعدها حملة إعلامية كبرى بعنوان:
“غزة تحترق… لكن بهدوء!”
نعم، هناك انفجارات، دماء، أشلاء… لكن لا تقلق، فكل شيء يتم وفقًا لمعايير القانون الدولي… المُصمَّم بأيدي إبليس نفسه.

أفكار للإبادة جماعية

وفي امتحان نهاية العام، طُلب من كل طالب أن يقدّم فكرة جديدة لإبادة جماعية، على ألا تظهر كمجزرة.
أحدهم اقترح استخدام “المساعدات الإنسانية” كوسيلة تجسس،
وآخر اقترح بناء ملعب كرة قدم على أنقاض حي سكني،
والثالث قال:

“لماذا لا نحول غزة إلى فيلم خيال علمي؟ نغرقهم في الظلام ثم نخبر الناس أنهم في كوكب آخر!”
النتيجة؟ كلهم نجحوا… وبتقدير إبليسي مشرف.

في النهاية… إذا رأيت دبابة تمر فوق جسد طفل، وابتسامة دبلوماسي تعلو وجهه وهو يوقّع على “خطة سلام جديدة”، فتذكّر أن هناك شيطاناً يُقيّم أداءهم من تحت الأرض، ويصفق وهو يقول: أنتم خير سلف لخير خلف…!”

أشجع مَن عاشوا على هذه الأرض

وأما غزة؟ فهي لا تحتاج شهادة من إبليس، بل شهادة من التاريخ، الذي سيكتب يومًا أن “أشجع مَن عاشوا على هذه الأرض، كانوا يسكنون في أصغر رقعة، ويواجهون أكبر كذبة”

وإذا اجتمع العالم على إطفاء شمس غزة، فدعهم يُجربون… لكن لا تنسَ أن الشمس لا تحتاج إلى كهرباء… ولا إلى إذن من مجلس الأمن لتشرق.

السفير د. أحمد سمير

عضو هيئة ملهمي ومستشاري الأمم المتحدة

السفير الأممي للشراكة المجتمعية

رئيس مؤسسة الحياة المتزنة العالمية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى