احدث الاخبار

مقترح للتفاوض : تشكيل مجلس تعاون لدول حوض النيل

بقلم / اللواء بهاء البجاوي 

 نظراً لما يشهده العالم أجمع وخاصة منطقة الشرق الأوسط من تغيرات وأزمات سياسية واقتصادية وأمنية، ومحاولة بعض الدول التدخل فى شأن دول أخرى ” حتى لو بطريق غير مباشر ” بغرض الإضرار بمصالح تلك الدول وتنفيذ مُخطط يُحقق مصالح دول عظمى .

 وبإلقاء نظرة سريعة خلال النصف الثانى من القرن الماضى نجد أنه تم تأسيس العديد من التحالفات والتكتلات الاقتصادية والسياسية على مستوى العالم والتى كان الهدف منها هو اتحاد مجموعه من الدول ترتبط مع بعضها البعض فى حدود جغرافية ومصالح اقليمية لتضمن لبعضها البعض الحفاظ على أمنها القومى ( أمنياً وسياسياً واقتصادياً ) ومن أبرز تلك التحالفات مجلس دول الاتحاد الأوروبى ومجلس التعاون لدول الخليج العربى، والتى حققت للدول المُشاركة فيها مكاسب كبيرة على جميع الأصعدة ..

  وبدراسه ما تشهده المنطقة المُحيطة بمصر إقليمياً وعربياً وافريقياً من تطورات وأحداث الهدف منها إعادة رسم الخريطة الجغرافية للمنطقة ، والمحاولات المُعلنه والخفية للتأثير على أمن مصر القومى ومحاولة دول فى المنطقه بالتحالف مع دول عظمى للتأثير على الأمن القومى لمصر من خلال العديد من السيناريوهات وكان من ضمنها التواجد وبقوة خلال العشر سنوات الماضية فى دول منابع نهر النيل لمُحاولة التأثير على أمن مصر المائى وكذلك اختلاق حالة من المنازعات والخلافات بين مِصر وتلك الدول، التى ازدادت وبقوة والتى كان من أهم نتائجها قيام دولة أثيوبيا فى البدء فى بناء سد النهضة دون مراعاة لحق مصر المائى والمُوقع بشأنه اتفاقيات تخص حصة كل دولة من دول حوض النيل …. مما اضطرنا فى النهاية إلى أن نتعامل مع هذا الملف من منطلق الأمر الواقع ومحاولة تقليل الخسائر الناتجه عن بناء هذا السد والتى قد تؤدى إلى المساس بحصة مصر فى مياه نهر النيل . 

وبإلقاء نظره مستقبليه ولمُحاولة تقوية دور مصر افريقياً وتفويت الفرصه على بعض الدول التى تحاول العبث فى أمن مصر القومى من خلال البُعد الأفريقى وحتى لا نكون دائماً فى موقف رد الفعل والذى أحياناً يُفرض علينا أمور غاية فى الصعوبة ونتقبلها رغم أنفنا وحتى نكون نحن المُتحكمين فى أمورنا قبل أن يرسمها ويخطط لها غيرنا من الدول التى من مصلحتها الضرر الذى يقع علينا، وكذلك للاستفادة من الموارد الطبيعية لدول حوض النيل وتأمين الأمن القومى ( أمنياُ وسياسياً واقتصادياً )

 نتقدم باقتراح مشروع قومى مِصرى أفريقى وهو تأسيس وإنشاء تكتل مصرى افريقى تحت مًسمى ( مجلس تعاون دول حوض النيل ) يضم إلى جانب مصر العشر دول الافريقية المشتركة  معنا فى حوض النيل، يكون هدفه التعاون الكامل بين مصر وهذه الدول فى جميع المجالات على غرار مجلس دول الاتحاد الأوروبى ومجلس التعاون لدول الخليج العربى – حتى نضمن فى الأساس عدم قدرة أى دولة التدخل فى شئون أياً من دول حوض النيل بالشكل الذى يؤثر على الأمن القومى لمصر حيث سيكون مجلس التعاون ضامن لنا من خلال ميثاق تأسيسه أن ينُص على أن الأمن القومى للدول الأعضاء يُعتبر أمن قومى مُتكامل وكل دولة تكون حريصة على الأمن القومى للدول الأخرى كحرصها على أمنها القومى مما يضمن لنا عدم عبث أى دولة تعمل على اسقاط مِصر من التدخل فى شئون دول حوض النيل كما فعلت دول عديدة خلال السنوات الماضية مثل اسرائيل وتركيا وقطر وغيرهم .. مع ملاحظة ضمان استمرارية هذا العامل مع تغيُر الأنظمة والقيادات السياسية لمصر وهذه الدول .

 إلى جانب حماية الأمن القومى، فهناك فوائد فى جميع المجالات الاقتصادية خاصة أننا نعلم أن تلك الدول تمتلك من الثروات الطبيعية ما يمكن ” فى حالة حُسن استغلالها بالتعاون المُشترك ” أن تكون من ضمن العوامل الرئيسية التى يتم الارتكاز عليها فى إعادة بناء الاقتصاد المصرى وخاصة فى مجال الزراعة والثروة الحيوانيه والتعدينية والصناعات القائمة على هذه الأنشطة الاقتصادية، إلى جانب العديد من المجالات الأخرى التى قد تفتح مجالات وفرص عمل كبيرة للشركات المصرية فى تلك الدول التى تحتاج إلى الخبرة المصرية فى المُساهمه فى مشروعات التعمير فى تلك الدول ” مثل ما تقوم به شركة المقاولون العرب على مستوى القارة بأكملها “.. مما قد ينتج عنه فتح سوق جديد للعمالة المصرية فى تلك الدول مما ينعكس على زيادة خلق فرص عمل للشباب .

 بالإضافة إلى دخول مصر فى مثل هذا التكتل الذى يُمثل ما يقرب من ثلث مساحة قارة افريقيا ويسيطر على شرق ووسط القاره ويمتد إلى غربها ويُطل على البحر الأحمر والمحيد الهندى شرقاً ويصل إلى حدود المحيط الأطلسى غرباً، فهو بكل تأكيد سيُمثل قوة اقتصادية وسياسية كبيرة على المستويين الاقليمى والدولى وسوف يكون له ثقله فى التأثير على القرارات التى تخص المنطقة .

 ولا ننسى مدى الأهمية الاسترتيجية لدخول مصر مثل هذا التكتل لأنها بذلك سيكون لها تواجد بشكل رسمى فى السيطرة على الجانب الغربى لمضيق باب المندب ” اريتريا ” وما يُمثله هذا المضيق من أهمية استراتيجية لمصر لأنه مدخل البحر الأحمر وبمثابة المعبر الرئيسى لقناة السويس. وقد زادت اهمية هذا المضيق خلال الفترة الحالية لما تشهده المناطق المُحيطه به من عدم استقرار بالإضافة إلى التدخلات الايرانية فى اليمن عن طريق الحوثيين، وكذلك ظاهرة القرصنة على السفن العابرة من هذا المضيق بمعرفة بعض الجماعات الارهابية الصومالية .

إلى جانب ازدياد أهمية هذا المضيق وتضاعفها بعد قيام مصر بحفر قناة السويس الجديدة والتى تستلزم أن نُحافظ على عدم المساس بالمدخل الجنوبى للبحر الأحمر، فبكل تأكيد دخول مصر فى هذا التكتل سيُعطيها الفرصة للتواجد وبقوة حول هذا المضيق للحفاظ عليه من أى جماعات ارهابية أو اطماع دول اقليمية قد تؤثر على المساس بحيوية قناة السويس وما تُمثله لمصر من شريان للحياه اقتصادياً خاصة أنها الركيزة الأولى للاقتصاد المصرى والمصدر الرئيسى للعملات الأجنبية .

ونرى أن دخول مصر فى تكتلات اقتصادية وسياسية على المستوى الأقليمى والافريقى ،إلى جانب عضويتها فى الجامعه العربية يُزيدها قوة  اقليمياً ودوليا ويحقق الاستقرار الدول الأعضاء معها فى تلك التكتلات تعمل على الحفاظ المُتبادل على الأمن القومى وتنمية المصالح الإقتصادي .

تقدم بهذا الاقتراح اللواء بهاء البجاوي عام 2015 ، ويعيد طرحه حاليا مرة أخرى كورقة تفاوض في اطار الإلتزام بالسياسة المصرية المعلنة بالتمسك بالتفاوض كحل لأزمة سد النهضة .

اللواء بهاء البجاوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.