احدث الاخبارالصراط المستقيم

سلسلة”وعلم آدم”(٩) السيد المسيح والتلميذ الخائن

سلسلة”وعلم آدم”(٩) السيد المسيح والتلميذ الخائن

بقلم/ إيمان أبوالليل

ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله واطيعون“سورة الزخرف آية٦٣.

وتلك هي حكمة إرسال الله برسله للناس، تعلمنا من سطور التاريخ، أنه بعد كل رسول، وبمرور الزمن على رسالته، تصاب قلوب الناس بمرض الفتن والغرور بالتقدم والحداثة على حسب كل عصر، فيقل بذلك الإيمان وتصبح الروح وهنة لبعدها عن غذائها الرباني، لأن إبليس يعمل جاهدا ليزين لهم الدنيا، حتى يتلاشى تمسكهم بالدين، ورويدا رويدا يقل الإيمان من القلوب.

فيبعث الله برسول يرشدهم ليعودوا لله من جديد للغاية الحقيقية من الخلق، وهي عبادة الله وحده، فتصحح الدعوة الجديدة العقيدة التي شابها بعض الفساد والتحريف نتيجة سيطرة ابليس عليهم.

فما خلق الله الجن والإنس إلا ليعبدون، ولهذا بعث الله رسوله المسيح عيسى بن مريم، وبرغم أن قومه يعلمون بصدقه وبأنه معجزة الله، وأن الله منحه قدرات مثل إحياء الميت وإبراء الأكمه وغيرها من المعجزات، وهذا دليل واضح على تأييد الله له، إلا أن تلاميذه جادلوه كما جادل قوم موسى لنبي الله موسى من قبل.

وكان تلاميذ السيد المسيح ١٢ تلميذ ينصرونه ويؤمنون به، ولكن ابليس لن يتركهم بنقائهم وولائهم التام للمسيح.

يا ايها الذين امنوا كونوا انصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من انصاري الى الله قال الحواريون نحن انصار الله فامنت طائفة من بني اسرائيل وكفرت طائفة فايدنا الذين امنوا على عدوهم فاصبحوا ظاهرين“سورة الصف آية١٤.

ومع علم التلاميذ بقدرة المسيح إلا أنهم أرادوا أن يتأكدوا من استجابة الله له ولدعائه، وطلبوا منه أن ينزل عليهم مائدة من السماء تكون لهم عيدا.

إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء، قَالَ اتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ“المائدة آية١١٢.

وأنزل الله المائدة من السماء، ووعد من يكفر بعد ذلك اليوم بالعذاب وليس أي عذاب، لكنه عذاب لم يعذب به أحدا من العالمين.

وأثناء هذا كان الروم يدبرون للتخلص من السيد المسيح عليه السلام، وعلم المسيح بذلك، كما علم بأن أحد تلاميذه سيخونه ويسلمه للروم، وكان يهوذا الإسخريوطي هو التلميذ الخائن،وبرغم قربه من السيد المسيح  إلا أن ابليس استطاع أن يسيطر عليه،  واتفق يهوذا مع كهنة اليهود الذين لم يتقبلوا المسيح بن مريم كنبي ورسول منهم لكونه ابن مريم وليس ابنا لأحد الكهنة الكبار، ووشى به مقابل قطع فضية.

ولقد أتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل واتينا عيسى ابن مريم البينات وايدناه بروح القدس افكلما جاءكم رسول بما لا تهوى انفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون“سورة البقرة آية٨٧.

ولأن الله أيد السيد المسيح، فقد كشف له الخائن من تلاميذه، وعندما أتى الروم للقبض على المسيح، كان شبهه وقع على يهوذا وبدلا من القبض على السيد المسيح الذي رفعه الله إلى السماء أثناء غفلة نوم سيطرت عليه وعلى التلاميذ، ورأته مريم المجدولية وهو يرفع وحكت للقوم، الذين انقسموا بين مصدق ومكذب لرواية مريم المجدولية، تم القبض على يهوذا وأتى القرآن وحسم هذا حيث قال الله

قال الله يا عيسى اني متوفيك ورافعك الي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا الى يوم القيامة ثم الي مرجعكم فاحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون” سورة آل عمران آية ٥٥

كما قال

وقولهم انا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وان الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم الا اتباع الظن وما قتلوه يقينا” سورة النساء آية ١٥٧.

كل ما سبق هو ديباجة للوصول لحقيقة دامغة، وهي أن إبليس يقعد لبني آدم حتى يتبع خطواته، ولا فرق بين قوم وقوم، لقد دخل لبعض لآل عمران وجعلهم يكذبون ويشككون حقيقة المعجزة، وهم أكثر الأقوام التي شهدت معجزات الله من موسى وعصاه وحكاية الحوت والرجل الصالح، واليد البيضاء وسحرة فرعون والحية.

والأغرب أن آل عمران بينهم نبيان هما زكريا وولده يحي ابن خالة السيد المسيح عليهم جميعا الصلاة والسلام، ومع هذا استطاع إبليس أن يجعل من قلوب بعض كهنتهم غلف، نتيجة خضوعهم لتزيين ابليس لهم الدنيا والمناصب.

وهذا هو الهدف من سلسلة”وعلم آدم” أن نكشف لعبة إبليس منذ تحدى الله وأقسم بعزته.

ولن نطيل الحديث في الاختلافات التي تمت روايتها في الأناجيل المختلفة والتناقضات الموجودة، لأن كل تلميذ كتب عنهم أجيال أتت من بعدهم بزمان، وتم توثيق واعتماد أربع أناجيل قانونية وتم تجاهل باقي الأناجيل التي تحكي تاريخ وأحداث ما حدث.

ويبقى يهوذا هو اللغز المختفى والذي كشفه القرآن لنا، لأن لا أحد وجد انجيلا واحدا ليهوذا يحكي لنا ما حدث، وحتى ما تم اكتشافه في صعيد مصر منذ سنوات قريبة مضت، وقيل عنه أنه انجيل يهوذا، اتضح انه مكون من كلمات يونانية مع أخرى بلغة مختلفة، وما هو إلا ترجمة لا أحد يعرف مدى صحتها.

وأما يهوذا اختلفت الاناجيل في أمره وفي طريقة موته، لدرجة أن هناك اناجيل لم تذكر في البداية أي شئ عن يهوذا، ولكن القرآن حسم الأمر كما قلنا.

ولغلق هذا الباب لابد وأن نعترف بأننا نؤمن بكل الأنبياء والرسل، ونعلم أن الدين عند الله واحد وليس عدة أديان، والهدف من إرسال الرسل والأنبياء هو محاولة إعادة الناس من الظلام إلى النور.

وقفينا على اثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة واتيناه الانجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين“سورة المائدة آية ٤٦.

قل أمنا بالله وما انزل علينا وما انزل على ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون“سورة آل عمران آية ٨٤.

انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده واوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وعيسى وايوب ويونس وهارون وسليمان واتينا داوود زبورا“سورة النساء آية ١٦٣.

ومع هذا كله هناك طرق مبتكرة يستخدمها الملعون، ودخل تلبيس إبليس بالغلو في الدين حتى يدفع بني آدم للشرك بالله، لهذا حذرنا الله وقال

يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق انما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها الى مريم وروح منه فامنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم انما الله اله واحد سبحانه ان يكون له ولد له ما في السماوات وما في الارض وكفى بالله وكيلا”سورة النساء ١٧١.

وقال الله للسيد المسيح الذي جعله الله وجيها في الدنيا والاخرة

اذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك اذ ايدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا واذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والانجيل واذ تخلق من الطين كهيئة الطير باذني فتنفخ فيها فتكون طيرا باذني وتبرئ الاكمه والابرص باذني واذ تخرج الموتى باذني واذ كففت بني اسرائيل عنك اذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم ان هذا الا سحر مبين“سورة المائدة ١١٠.

ليكشف له سر القوم في كل زمان ومكان وكما فعلوا مع نبي الله محمد عليه الصلاة والسلام وقالوا ساحر مجنون، إنها أدوات إبليس التي يستخدمها ليوقع بنو آدم في المعصية والشرك والكفر.
واذ قال عيسى ابن مريم يا بني اسرائيل اني رسول الله اليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول ياتي من بعدي اسمه احمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين“سورة الصف آية ٦

وللحديث بقية

اقرأ المزيد

سلسلةوعلم آدم(٨)جدلية بني يهود والمسيح بن مريم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.